للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله مُحَمَّدِ بْنِ تَيْمِيَّة فَلَمَّا رَأَيَا تِلْكَ الْأَقْوَالَ قَالَا: هَذَا إنَّمَا يَجِيءُ عَلَى قَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ. وَزَارَ مَرَّةً أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ هَذَا شَيْخَنَا أَبِي زَكَرِيَّا بْنِ الصَّيْرَفِيِّ وَكَانَ مَرِيضًا فَدَعَا أَبُو زَكَرِيَّا بِدُعَاءِ مَأْثُورٍ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَد يَقُولُ فِيهِ " أَسْأَلُك - بِقُدْرَتِك الَّتِي قَدَرْت بِهَا أَنْ تَقُولَ لِلسَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ - أَنْ تَفْعَلَ بِنَا كَذَا وَكَذَا " فَلَمَّا خَرَجَ النَّاسُ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ لَهُ: مَا هَذَا الدُّعَاءُ الَّذِي دَعَوْت بِهِ؟ هَذَا إنَّمَا يَجِيءُ عَلَى قَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ فَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ فَلَا يُقَالُ عِنْدَهُمْ قَدَرَ أَنْ يَتَكَلَّمَ أَوْ يَقُولَ فَإِنَّ كَلَامَهُ قَدِيمٌ لَازِمٌ لِذَاتِهِ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ. وَكَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ رَحِمَهُ اللَّهُ قَدْ تَلَقَّى هَذَا عَنْ الْبُحُوثِ الَّتِي يَذْكُرُهَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الزَّاغُونِي وَأَمْثَالُهُ وَقَبْلَهُ أَبُو الْوَفَاءِ ابْنُ عَقِيلٍ وَأَمْثَالُهُ وَقَبْلَهُمَا الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَنَحْوُهُ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ وَأَمْثَالَهُمْ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ - كَأَبِي الْوَلِيدِ الباجي وَأَبِي الْمَعَالِي الجُوَيْنِي - وَطَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ يُوَافِقُونَ ابْنَ كُلَّابٍ عَلَى قَوْلِهِ: إنَّ اللَّهَ لَا يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَعَلَى قَوْلِهِ: إنَّ الْقُرْآنَ لَازِمٌ لِذَاتِ اللَّهِ بَلْ يَظُنُّونَ أَنَّ هَذَا قَوْلُ السَّلَفِ - قَوْلُ أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَسَائِرِ السَّلَفِ - الَّذِينَ يَقُولُونَ: الْقُرْآنُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ حَتَّى إنَّ مَنْ سَلَكَ مَسْلَكَ السالمية مِنْ هَؤُلَاءِ - كَالْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ وَابْنِ