مَا خَلَقَ: فَيَمْتَنِعُ فِي حَقِّهِ لَامُ الْعَاقِبَةِ الَّتِي تَتَضَمَّنُ نَفْيَ الْعِلْمِ أَوْ نَفْيَ الْقُدْرَةِ. وَأَنْكَرَ هَؤُلَاءِ مَحَبَّةَ اللَّهِ وَرِضَاهُ لِبَعْضِ الْمَوْجُودَاتِ دُونَ بَعْضٍ. وَقَالُوا الْمَحَبَّةُ وَالرِّضَا هُوَ مِنْ مَعْنَى الْإِرَادَةِ وَاَللَّهُ مُرِيدٌ لِكُلِّ مَا خَلَقَهُ فَهُوَ رَاضٍ بِذَلِكَ مُحِبٌّ لَهُ. وَزَعَمُوا أَنَّ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ نَفْيِ حُبِّهِ وَرِضَاهُ بِالْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي كَقَوْلِهِ: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} مَحْمُولٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَوْ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْهُ دِينًا يُثِيبُهُمْ عَلَيْهِ. وَزَعَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ وَلَا يَرْضَى مَا أَمَرَ بِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ إلَّا إذَا وَقَعَ فَيُرِيدُهُ كَمَا يُرِيدُ حِينَئِذٍ مَا وَقَعَ مِنْ الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَقْوَالِهِمْ الْمَبْسُوطَةِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَكَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ يَظُنُّ أَنَّ هَذَا قَوْلُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَهَذَا مِمَّا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا بَلْ جَمِيعُ مُثْبِتَةِ الْقَدَرِ الْمُتَقَدِّمِينَ كَانُوا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْمَحَبَّةِ وَالرِّضَا وَبَيْنَ الْإِرَادَةِ وَلَكِنْ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ اتَّبَعَ جَهْمًا فِي ذَلِكَ. قَالَ أَبُو الْمَعَالِي الجُوَيْنِي: وَمِمَّا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْحَقِّ فِي إطْلَاقِهِ وَعَدَمِ إطْلَاقِهِ الْمَحَبَّةَ وَالرِّضَا فَصَارَ الْمُتَقَدِّمُونَ إلَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا يُحِبُّ الْكُفْرَ وَلَا يَرْضَاهُ وَكَذَلِكَ كَلُّ مَعْصِيَةٍ. وَقَالَ شَيْخُنَا أَبُو الْحَسَنِ: الْمَحَبَّةُ هِيَ الْإِرَادَةُ نَفْسُهَا وَكَذَلِكَ الرِّضَا وَالِاصْطِفَاءُ وَهُوَ سُبْحَانَهُ يُرِيدُ الْكُفْرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute