للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صِفَاتِ الْكَمَالِ فَتَضَمَّنَ ذَلِكَ إثْبَاتَ جَمِيعِ صِفَاتِ الْكَمَالِ وَنَفْيَ جَمِيعِ صِفَاتِ النَّقْصِ فَالسُّورَةُ تَضَمَّنَتْ كُلَّ مَا يَجِبُ نَفْيُهُ عَنْ اللَّهِ وَتَضَمَّنَتْ أَيْضًا كُلَّ مَا يَجِبُ إثْبَاتُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: مِنْ اسْمِهِ الصَّمَدِ وَمِنْ جِهَةِ أَنَّ مَا نُفِيَ عَنْهُ مِنْ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ وَالنُّظَرَاءِ مُسْتَلْزِمٌ ثُبُوتَ صِفَاتِ الْكَمَالِ أَيْضًا. فَإِنَّ كُلَّ مَا يُمْدَحُ بِهِ الرَّبُّ مِنْ النَّفْيِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَتَضَمَّنَ ثُبُوتًا بَلْ وَكَذَلِكَ كَلُّ مَا يُمْدَحُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَوْجُودَاتِ مِنْ النَّفْيِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَتَضَمَّنَ ثُبُوتًا وَإِلَّا فَالنَّفْيُ الْمَحْضُ مَعْنَاهُ عَدَمٌ مَحْضٌ وَالْعَدَمُ الْمَحْضُ لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ صِفَةَ كَمَالٍ. وَهَذَا كَمَا يَذْكُرُهُ سُبْحَانَهُ فِي آيَةِ الْكُرْسِيِّ مِثْلُ قَوْلِهِ: {اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} فَنَفْيُ أَخْذِ السِّنَةِ وَالنَّوْمِ لَهُ مُسْتَلْزِمٌ لِكَمَالِ حَيَاتِهِ وقيوميته فَإِنَّ النَّوْمَ يُنَافِي القيومية وَالنَّوْمُ أَخُو الْمَوْتِ وَلِهَذَا كَانَ أَهْلُ الْجَنَّةِ لَا يَنَامُونَ. ثُمَّ قَالَ: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إلَّا بِإِذْنِهِ} فَنَفْيُ الشَّفَاعَةِ بِدُونِ إذْنِهِ مُسْتَلْزِمٌ لِكَمَالِ مُلْكِهِ؛ إذْ كُلُّ مَنْ شَفَعَ إلَيْهِ شَافِعٌ بِلَا إذْنِهِ فَقَبِلَ شَفَاعَتَهُ كَانَ مُنْفَعِلًا عَنْ ذَلِكَ الشَّافِعِ فَقَدْ أَثَّرَتْ شَفَاعَتُهُ فِيهِ فَصَيَّرَتْهُ فَاعِلًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ وَكَانَ ذَلِكَ الشَّافِعُ شَرِيكًا لِلْمَشْفُوعِ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْأَمْرِ الْمَطْلُوبِ بِالشَّفَاعَةِ؛ إذْ كَانَتْ بِدُونِ إذْنِهِ لَا سِيَّمَا وَالْمَخْلُوقُ إذَا شُفِعَ إلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَقَبِلَ الشَّفَاعَةَ فَإِنَّمَا يَقْبَلُهَا لِرَغْبَةِ أَوْ لِرَهْبَةِ: إمَّا مِنْ