للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَا بُدَّ مِنْ الثَّلَاثَةِ فِي كُلِّ مِلَّةٍ وَدِينٍ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} . وَنَحْوُ ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ. فَذَكَرَ هَذِهِ الْأُصُولَ الثَّلَاثَةَ: الْإِيمَانُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ. وَأَمَّا الثَّلَاثَةُ الْأُخَرُ التَّابِعَةُ فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ. فَإِنَّ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ ذِكْرِ أَحْوَالِ السُّعَدَاءِ وَالْأَشْقِيَاءِ فِي الْآخِرَةِ فَهُوَ مِنْ تَفْضِيلِ الْإِيمَانِ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ. وَمَا فِيهِ مِنْ عِمَارَةِ الطَّرِيقِ فَهُوَ مِنْ الْعَمَلِ الصَّالِحِ. وَمَا فِيهِ مِنْ الْمُجَادَلَةِ وَالْمُحَاجَّةِ فَذَاكَ مِنْ تَمَامِ الْإِخْبَارِ بِالثَّلَاثَةِ فَإِنَّهُ إذَا أَخْبَرَ بِالثَّلَاثَةِ ذَكَرَ الْآيَاتِ وَالْأَدِلَّةَ الْمُثْبِتَةَ لِذَلِكَ وَذَكَرَ شِبْهَ الْجَاحِدِينَ وَبَيَّنَ فَسَادَهَا. وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو حَامِدٍ ذَلِكَ فَقَالَ: الْقِسْمُ الْجَائِي لِمُحَاجَّةِ الْكُفَّارِ وَمُجَادَلَتِهِمْ وَإِيضَاحِ مَخَازِيهِمْ بِالْبُرْهَانِ الْوَاضِحِ وَكَشْفِ أَبَاطِيلِهِمْ وتخاييلهم. وَأَبَاطِيلُهُمْ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ:

الْأَوَّلُ: ذِكْرُ اللَّهِ بِمَا لَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتُهُ وَأَنَّ لَهُ وَلَدًا شَرِيكًا وَأَنَّهُ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ. الثَّانِي ذِكْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ سَاحِرٌ وَكَاهِنٌ وَشَاعِرٌ وَإِنْكَارُ نُبُوَّتِهِ. وَثَالِثُهَا إنْكَارُ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَحْدُ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَإِنْكَارُ عَاقِبَةِ الطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ. وَأَمَّا مَا فِيهِ مِنْ الْأَخْبَارِ بِأَحْوَالِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكُفَّارِ فِي الدُّنْيَا - وَهُوَ الَّذِي أَرَادَهُ أَبُو حَامِدٍ بِذِكْرِ أَحْوَالِ الْمُسْتَجِيبِينَ وَالنَّاكِبِينَ - فَهَذَا مِنْ