وَالْإِخْلَاصُ كَمَا فَسَّرَهَا بِذَلِكَ أَكَابِرُ السَّلَفِ. وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} وَقَالَ: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} . وَهَذَا كُلُّهُ مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّ مَنْ نَفَى عَنْ اللَّهِ النَّقَائِصَ؛ كَالْمَوْتِ وَالْجَهْلِ وَالْعَجْزِ وَالصَّمَمِ وَالْعَمَى وَالْبُكْمِ وَلَمْ يُثْبِتْ لَهُ صِفَاتٍ وُجُودِيَّةً؛ كَالْحَيَاةِ وَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْكَلَامِ؛ بَلْ زَعَمَ أَنَّ صِفَاتِهِ لَيْسَتْ إلَّا عَدَمِيَّةً مَحْضَةً وَأَنَّهُ لَا يُوصَفُ بِأَمْرِ وُجُودِيٍّ فَهَذَا لَمْ يَثْبُتْ لَهُ صِفَةُ كَمَالٍ أَصْلًا فَضْلًا عَنْ أَنْ يُقَالَ أَيُّ الصِّفَتَيْنِ أَفْضَلُ؟ فَإِنَّ التَّفْضِيلَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ فَرْعُ كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا لَهُ كَمَالٌ مَا ثُمَّ يَنْظُرُ أَيُّهُمَا أَكْمَلُ فَأَمَّا إذَا قُدِّرَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَدَمٌ مَحْضٌ فَلَا كَمَالَ وَلَا فَضِيلَةَ هُنَاكَ أَصْلًا. وَكَذَلِكَ مَنْ أَثْبَتَ لَهُ الْأَسْمَاءَ دُونَ الصِّفَاتِ فَقَالَ إنَّهُ حَيٌّ عَلِيمٌ قَدِيرٌ سَمِيعٌ بَصِيرٌ عَزِيزٌ حَكِيمٌ - وَلَكِنَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ لَا تَتَضَمَّنُ اتِّصَافَهُ بِحَيَاةِ وَلَا عِلْمٍ وَلَا قُدْرَةٍ وَلَا سَمْعٍ وَلَا بَصَرٍ وَلَا عِزَّةٍ وَلَا حِكْمَةٍ - فَإِذَا قِيلَ لَهُ: أَيُّ الِاسْمَيْنِ أَفْضَلُ؟ لَمْ يُجِبْ بِجَوَابِ صَحِيحٍ فَإِنَّهُ إنْ قَالَ: الْعَلِيمُ أَعْظَمُ مِنْ السَّمِيعِ لِعُمُومِ تَعَلُّقِهِ مَثَلًا أَوْ قَالَ: الْعَزِيزُ أَكْمَلُ مِنْ الْقَدِيرِ لِأَنَّهُ مُسْتَلْزِمٌ لِلْقُدْرَةِ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ قِيلَ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْأَسْمَاءِ عِنْدَك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute