قَالَ تَعَالَى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} . وَإِنْ قُلْتُمْ " سَمِعَ بَعْضَهُ " فَقَدْ تَبَعَّضَ وَعِنْدَكُمْ لَا يَتَبَعَّضُ. وَأَيْضًا فَقَدْ فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَ تَكْلِيمِهِ لِمُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَبَيْنَ إيحَائِهِ إلَى غَيْرِهِ مِنْ النَّبِيِّينَ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْإِيحَاءِ وَبَيْنَ التَّكْلِيمِ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ فَلَوْ كَانَ الْمَعْنَى وَاحِدًا لَكَانَ الْجَمِيعُ إيحَاءً وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ تَكْلِيمٌ يَتَمَيَّزُ عَلَى ذَلِكَ. وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الرَّبُّ تَعَالَى مُنَادِيًا لِأَحَدِ إذْ الْمَعْنَى الْقَائِمُ بِالنَّفْسِ لَا يَكُونُ نِدَاءً وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِنِدَائِهِ فِي الْقُرْآنِ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ. وَعَلَى هَذَا فَمَنْ قَالَ مِنْ هَؤُلَاءِ: إنَّ كَلَامَ اللَّهِ لَا يَفْضُلُ بَعْضُهُ بَعْضًا فَحَقِيقَةُ قَوْلِهِ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُمْتَنِعَةٌ فَلَيْسَ هُنَاكَ أَمْرَانِ حَتَّى يُقَالَ إنَّ أَحَدَهُمَا يَكُونُ مِثْلَ الْآخَرِ أَوْ أَفْضَلَ مِنْهُ. وَالتَّمَاثُلُ وَالتَّفَاضُلُ إنَّمَا يُعْقَلُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا. وَهَكَذَا عِنْدَ هَؤُلَاءِ فِي إرَادَتِهِ وَعِلْمِهِ وَسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ فَكُلُّ مَنْ جَعَلَ الصِّفَةَ وَاحِدَةً بِالْعَيْنِ امْتَنَعَ - عَلَى قَوْلِهِ - أَنْ يُقَالَ: هَلْ بَعْضُهَا أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ أَمْ لَا؟ إذْ لَا بَعْضَ لَهَا عِنْدَهُ. وَكَذَلِكَ مَنْ وَافَقَ هَؤُلَاءِ عَلَى وَحْدَةِ هَذِهِ الصِّفَاتِ بِالْعَيْنِ وَقَالَ: إنَّ كَلَامَ اللَّهِ حُرُوفٌ قَدِيمَةُ الْأَعْيَانِ أَوْ حُرُوفٌ وَأَصْوَاتٌ قَدِيمَةُ الْأَعْيَانِ سَوَاءٌ قَالَ مَعَ ذَلِكَ إنَّهَا أَعْيَانُ الْأَصْوَاتِ الْمَسْمُوعَةِ مِنْ الْقُرَّاءِ أَوْ قَالَ إنَّهَا بَعْضُ الْأَصْوَاتِ الْمَسْمُوعَةِ مِنْ الْقُرَّاءِ. وَإِنْ كَانَ فَسَادُ ذَلِكَ مَعْلُومًا بِالِاضْطِرَارِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute