للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهَذَا كَرَجُلِ قَضَى عَلَيْهِ قَاضٍ بِحَقِّ أَوْ أَفْتَاهُ مُفْتٍ بِحَقِّ فَجَعَلَ يَقُولُ: لَعَنَ اللَّهُ مَنْ قَضَى بِهَذَا أَوْ أَفْتَى بِهَذَا وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ قَضَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفُتْيَاهُ فَيَقَعُ السَّبُّ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ السَّابُّ - لِجَهْلِهِ - أَضَافَ الْأَمْرَ إلَى الْمُبَلِّغِ فِي الْحَقِيقَةِ وَالْمُبَلَّغُ لَهُ فِعْلٌ مِنْ التَّبْلِيغِ بِخِلَافِ الزَّمَانِ فَإِنَّ اللَّهَ يُقَلِّبُهُ وَيُصَرِّفُهُ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: قَوْلُ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ وَطَائِفَةٍ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالصُّوفِيَّةِ: إنَّ الدَّهْرَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَعْنَاهُ الْقَدِيمُ الْأَزَلِيُّ. وَرَوَوْا فِي بَعْضِ الْأَدْعِيَةِ: يَا دَهْرُ يَا ديهور يَا ديهار وَهَذَا الْمَعْنَى صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ هُوَ الْأَوَّلُ لَيْسَ قَبْلَهُ شَيْءٌ وَهُوَ الْآخِرُ لَيْسَ بَعْدَهُ شَيْءٌ؛ فَهَذَا الْمَعْنَى صَحِيحٌ إنَّمَا النِّزَاعُ فِي كَوْنِهِ يُسَمَّى دَهْرًا بِكُلِّ حَالٍ. فَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ - وَهُوَ مِمَّا عُلِمَ بِالْعَقْلِ الصَّرِيحِ - أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَيْسَ هُوَ الدَّهْرَ الَّذِي هُوَ الزَّمَانُ أَوْ مَا يَجْرِي مَجْرَى الزَّمَانِ؛ فَإِنَّ النَّاسَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الزَّمَانَ الَّذِي هُوَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ. وَكَذَلِكَ مَا يَجْرِي مَجْرَى ذَلِكَ فِي الْجَنَّةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} . قَالُوا عَلَى مِقْدَارِ الْبُكْرَةِ وَالْعَشِيِّ فِي الدُّنْيَا؛ وَفِي الْآخِرَةِ يَوْمُ الْجُمُعَةِ يَوْمُ الْمَزِيدِ وَالْجَنَّةُ لَيْسَ فِيهَا شَمْسٌ وَلَا قَمَرٌ؛ وَلَكِنْ تُعْرَفُ الْأَوْقَاتُ بِأَنْوَارِ أُخَرَ قَدْ رُوِيَ أَنَّهَا تَظْهَرُ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ فَالزَّمَانُ هُنَالِكَ مِقْدَارُ الْحَرَكَةِ الَّتِي بِهَا تَظْهَرُ تِلْكَ الْأَنْوَارُ.