للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ يَقُولُ مَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ النَّاسِ مِنْ تَعَدُّدِ ذَلِكَ وَأَنَّ الَّذِينَ قَالُوا يُرِيدُ جَمِيعَ الْمُرَادَاتِ بِإِرَادَةِ وَاحِدَةٍ إنَّمَا أَخَذُوهُ عَنْ ابْنِ كُلَّابٍ وَجُمْهُورُ الْعُقَلَاءِ قَالُوا: هَذَا مَعْلُومُ الْفَسَادِ بِالضَّرُورَةِ حَتَّى إنَّ مِنْ فُضَلَاءِ النُّظَّارِ مَنْ يُنْكِرُ أَنْ يَذْهَبَ إلَى هَذَا عَاقِلٌ مِنْ النَّاسِ لِأَنَّهُ رَآهُ ظَاهِرَ الْفَسَادِ فِي الْعَقْلِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ قَالَهُ طَائِفَةٌ مِنْ النُّظَّارِ. وَكَذَلِكَ مَنْ جَعَلَ نَفْسَ إرَادَتِهِ هِيَ رَحْمَتَهُ وَهِيَ غَضَبَهُ يَكُونُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَعُوذُ بِرِضَاك مِنْ سَخَطِك} مَعْنَاهُ يَكُونُ مُسْتَعِيذًا عِنْدَهُ بِنَفْسِ الْإِرَادَةِ مِنْ نَفْسِ الْإِرَادَةِ وَهَذَا مُمْتَنِعٌ فَإِنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ لِلْإِرَادَةِ صِفَةٌ ثُبُوتِيَّةٌ يُسْتَعَاذُ بِهَا مِنْ أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ الْوَجْهِ مِنْهَا بِاعْتِبَارِ الْوَجْهِ الْآخَرِ. بَلْ الْإِرَادَةُ عِنْدَهُ لَهَا مُجَرَّدُ تَعَلُّقٍ بِالْمَخْلُوقَاتِ وَالتَّعَلُّقُ أَمْرٌ عَدَمِيٌّ. وَهَذَا بِخِلَافِ الِاسْتِعَاذَةِ بِهِ مِنْهُ لِأَنَّ لَهُ سُبْحَانَهُ صِفَاتٌ مُتَنَوِّعَةٌ فَيُسْتَعَاذُ بِهِ بِاعْتِبَارِ وَمِنْهُ بِاعْتِبَارِ. وَمَنْ قَالَ: إنَّهُ ذَاتٌ لَا صِفَةَ لَهَا أَوْ مَوْجُودٌ مُطْلَقٌ لَا يَتَّصِفُ بِصِفَةِ ثُبُوتِيَّةٍ فَهَذَا يَمْتَنِعُ تَحَقُّقُهُ فِي الْخَارِجِ وَإِنَّمَا يُمْكِنُ تَقْدِيرُ هَذَا فِي الذِّهْنِ كَمَا تُقَدَّرُ الممتنعات فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ رَبًّا خَالِقًا لِلْمَخْلُوقَاتِ كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي مَوْضِعِهِ. وَهَؤُلَاءِ أَلْجَأَهُمْ إلَى هَذِهِ الْأُمُورِ مُضَايَقَاتُ الْجَهْمِيَّة وَالْمُعْتَزِلَةِ لَهُمْ فِي مَسَائِلِ الصِّفَاتِ فَإِنَّهُمْ صَارُوا يَقُولُونَ لَهُمْ: كَلَامُ اللَّهِ هُوَ اللَّهُ أَوْ غَيْرُ اللَّهِ؟ إنْ قُلْتُمْ هُوَ غَيْرُهُ فَمَا كَانَ غَيْرُ اللَّهِ فَهُوَ مَخْلُوقٌ وَإِنْ قُلْتُمْ هُوَ