للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَلِهَذَا لَا يُطْلَقُ الْقَوْلُ بِأَنَّ كَلَامَ اللَّهِ وَعِلْمَ اللَّهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ هُوَ هُوَ لِأَنَّ هَذَا بَاطِلٌ. وَلَا يُطْلَقُ أَنَّهُ غَيْرُهُ لِئَلَّا يُفْهَمَ أَنَّهُ بَائِنٌ عَنْهُ مُنْفَصِلٌ عَنْهُ. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَد عَلَيْهِ الْحُذَّاقُ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ فَهَؤُلَاءِ لَا يُطْلِقُونَ أَنَّهُ هُوَ وَلَا يُطْلِقُونَ أَنَّهُ غَيْرُهُ وَلَا يَقُولُونَ لَيْسَ هُوَ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ. فَإِنَّ هَذَا أَيْضًا إثْبَاتُ قِسْمٍ ثَالِثٍ وَهُوَ خَطَأٌ فَفَرْقٌ بَيْنَ تَرْكِ إطْلَاقِ اللَّفْظَيْنِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْإِجْمَالِ وَبَيْنَ نَفْيِ مُسَمَّى اللَّفْظَيْنِ مُطْلَقًا وَإِثْبَاتِ مَعْنًى ثَالِثٍ خَارِجٍ عَنْ مُسَمَّى اللَّفْظَيْنِ. فَجَاءَ بَعْدَ هَؤُلَاءِ " أَبُو الْحَسَنِ " وَكَانَ أَحْذَقَ مِمَّنْ بَعْدَهُ فَقَالَ: نَنْفِي مُفْرَدًا لَا مَجْمُوعًا فَنَقُولُ مُفْرَدًا: لَيْسَتْ الصِّفَةُ هِيَ الْمَوْصُوفُ وَنَقُولُ مُفْرَدًا: لَيْسَتْ غَيْرُهُ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا فَيُقَالُ: لَا هِيَ هُوَ وَلَا هِيَ غَيْرُهُ لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ النَّفْيِ فِيهِ مِنْ الْإِيهَامِ مَا لَيْسَ فِي التَّفْرِيقِ. وَجَاءَ بَعْدَهُ أَقْوَامٌ فَقَالُوا: بَلْ نَنْفِي مَجْمُوعًا فَنَقُولُ: لَا هِيَ هُوَ وَلَا هِيَ غَيْرُهُ. ثُمَّ كَثِيرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ إذَا بَحَثُوا يَقُولُونَ هَذَا الْمَعْنَى أَمَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ فَيَتَنَاقَضُونَ. وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ لَفْظَ " الْغَيْرِ " مُجْمَلٌ: يُرَادُ بِالْغَيْرِ: الْمُبَايِنُ الْمُنْفَصِلُ وَيُرَادُ بِالْغَيْرِ: مَا لَيْسَ هُوَ عَيْنُ الشَّيْءِ. وَقَدْ يُعَبِّرُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الغيرين مَا جَازَ وُجُودُ أَحَدِهِمَا وَعَدَمُهُ أَوْ مَا جَازَ مُفَارَقَةُ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ بِزَمَانِ أَوْ مَكَانٍ أَوْ وُجُودٍ وَيُعَبِّرُ عَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ مَا جَازَ الْعِلْمُ بِأَحَدِهِمَا مَعَ