تَفَاضُلٌ وَلَا تَمَاثُلٌ وَلَا تَعَدُّدٌ. وَأَمَّا كَوْنُ صِفَاتِ الرَّبِّ لَا تَتَفَاضَلُ - وَرُبَّمَا قَالُوا: الْقَدِيمُ لَا يَتَفَاضَلُ وَهُوَ مِنْ جِنْسِ قَوْلِ الْجَهْمِيَّة وَالْمُعْتَزِلَةِ وَنَحْوِهِمْ: الْقَدِيمُ لَا يَتَعَدَّدُ - فَهَذَا لَفْظٌ مُجْمَلٌ: فَإِنَّ الْقَدِيمَ إذَا أُرِيدَ بِهِ رَبُّ الْعَالَمِينَ: فَرَبُّ الْعَالَمِينَ إلَهٌ وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ وَإِذَا أُرِيدَ بِهِ صِفَاتُهُ. فَمَنْ قَالَ إنَّ صِفَاتِ الرَّبِّ لَا تَتَعَدَّدُ فَهُوَ يَقُولُ: الْعِلْمُ هُوَ الْقُدْرَةُ وَالْقُدْرَةُ هِيَ الْإِرَادَةُ؛ وَالسَّمْعُ وَالْبَصَرُ هُوَ الْعِلْمُ. وَقَدْ يَقُولُ بَعْضُهُمْ أَيْضًا: الْعِلْمُ هُوَ الْكَلَامُ وَيَقُولُ آخَرُونَ: الْعِلْمُ وَالْقُدْرَةُ هُوَ الْإِرَادَةُ ثُمَّ قَدْ يَقُولُونَ إنَّ الصِّفَةَ هِيَ الْمَوْصُوفُ: فَالْعِلْمُ هُوَ الْعَالِمُ وَالْقُدْرَةُ هِيَ الْقَادِرُ. وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ صَرَّحَ بِهَا نفاة الصِّفَاتِ مِنْ الْفَلَاسِفَةِ وَالْجَهْمِيَّة وَنَحْوِهِمْ كَمَا حَكَيْت أَلْفَاظَهُمْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ فِي هَذِهِ الْأَقْوَالِ مِنْ مُخَالَفَةِ الْمَعْقُول الصَّرِيحِ وَالْمَنْقُولِ الصَّحِيحِ - بَلْ مُخَالَفَةُ الْمَعْلُومِ بِالِاضْطِرَارِ لِلْعُقَلَاءِ. وَالْمَعْلُومُ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ وَدِينِ الرُّسُلِ - مَا يُبَيِّنُ أَنَّهَا فِي غَايَةِ الْفَسَادِ شَرْعًا وَعَقْلًا. ثُمَّ إنَّ هَؤُلَاءِ تَأَوَّلُوا نُصُوصَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِتَأْوِيلَاتِ بَاطِلَةٍ: مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ أَعْظَمَ وَأَفْضَلَ وَخَيْرًا كَوْنِهِ عَظِيمًا فِي نَفْسِهِ وَامْتَنَعَ هَؤُلَاءِ مِنْ إجْرَاءِ التَّفْضِيلِ عَلَيْهِ وَحُكِيَ هَذَا عَنْ الْأَشْعَرِيِّ وَابْنِ الْبَاقِلَانِي وَجَمَاعَةٍ غَيْرِهِمَا. وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ تَدَبَّرَ أَلْفَاظَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهَا لَا تَحْتَمِلُ هَذَا الْمَعْنَى بَلْ هُوَ مِنْ نَوْعِ الْقَرْمَطَةِ. فَإِنَّ اللَّهَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute