للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهُوَ مَجْرَى الشَّيْطَانِ مِنْ الْبَدَنِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ} . وَلِهَذَا كَانَ شَهْرُ رَمَضَانَ إذَا دَخَلَ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ لِأَنَّ الصَّوْمَ جُنَّةٌ. فَالطَّيِّبَاتُ الَّتِي أَبَاحَهَا هِيَ الْمَطَاعِمُ النَّافِعَةُ لِلْعُقُولِ وَالْأَخْلَاقِ وَالْخَبَائِثُ هِيَ الضَّارَّةُ لِلْعُقُولِ وَالْأَخْلَاقِ كَمَا أَنَّ الْخَمْرَ أُمُّ الْخَبَائِثِ لِأَنَّهَا تُفْسِدُ الْعُقُولَ وَالْأَخْلَاقَ فَأَبَاحَ اللَّهُ لِلْمُتَّقِينَ الطَّيِّبَاتِ الَّتِي يَسْتَعِينُونَ بِهَا عَلَى عِبَادَةِ رَبِّهِمْ الَّتِي خُلِقُوا لَهَا وَحَرَّمَ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ الَّتِي تَضُرُّهُمْ فِي الْمَقْصُودِ الَّذِي خُلِقُوا لَهُ وَأَمَرَهُمْ مَعَ أَكْلِهَا بِالشُّكْرِ وَنَهَاهُمْ عَنْ تَحْرِيمِهَا فَمَنْ أَكَلَهَا وَلَمْ يَشْكُرْ تَرَكَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَاسْتَحَقَّ الْعُقُوبَةَ. وَمَنْ حَرَّمَهَا - كَالرُّهْبَانِ - فَقَدْ تَعَدَّى حُدُودَ اللَّهِ فَاسْتَحَقَّ الْعُقُوبَةَ قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إنْ كُنْتُمْ إيَّاهُ تَعْبُدُونَ} وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {إنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنْ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَا وَيَشْرَبُ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَا} وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: {الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ بِمَنْزِلَةِ الصَّائِمِ الصَّابِرِ} وَقَالَ تَعَالَى: {لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} أَيْ عَنْ شُكْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يُبِيحُ شَيْئًا وَيُعَاقِبُ مَنْ فَعَلَهُ وَلَكِنْ يَسْأَلُهُ عَنْ الْوَاجِبِ الَّذِي أَوَجَبَهُ مَعَهُ وَعَمَّا حَرَّمَهُ عَلَيْهِ: هَلْ فَرَّطَ بِتَرْكِ مَأْمُورٍ أَوْ فِعْلِ مَحْظُورٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ