وَقَدْ تَدَبَّرْت عَامَّةَ مَا رَأَيْته مِنْ كَلَامِ السَّلَفِ - مَعَ كَثْرَةِ الْبَحْثِ عَنْهُ وَكَثْرَةِ مَا رَأَيْته مِنْ ذَلِكَ - هَلْ كَانَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ أَوْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى مَا ذَكَرْته مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الَّتِي وَجَدْتهَا فِي كُتُبِ أَهْلِ الْكَلَامِ: مِنْ الْجَهْمِيَّة وَالْقَدَرِيَّةِ وَمَنْ تَلَقَّى ذَلِكَ عَنْهُمْ: مِثْلَ دَعْوَى الْجَهْمِيَّة أَنَّ الْأُمُورَ الْمُتَمَاثِلَةَ يَأْمُرُ اللَّهُ بِأَحَدِهَا وَيَنْهَى عَنْ الْآخَرِ لَا لِسَبَبِ وَلَا لِحِكْمَةِ أَوْ أَنَّ الْأَقْوَالَ الْمُتَمَاثِلَةَ وَالْأَعْمَالَ الْمُتَمَاثِلَةَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ يَجْعَلُ اللَّهُ ثَوَابَ بَعْضِهَا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ بِلَا سَبَبٍ وَلَا حِكْمَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَقُولُونَهُ: كَقَوْلِهِمْ إنَّ كَلَامَ اللَّهِ كُلُّهُ مُتَمَاثِلٌ وَإِنْ كَانَ الْأَجْرُ فِي بَعْضِهِ أَعْظَمَ فَمَا وَجَدْت فِي كَلَامِ السَّلَفِ مَا يُوَافِقُ ذَلِكَ بَلْ يُصَرِّحُونَ بِالْحُكْمِ وَالْأَسْبَابِ وَبَيَانِ مَا فِي الْمَأْمُورِ بِهِ مِنْ الصِّفَاتِ الْحَسَنَةِ الْمُنَاسِبَةِ لِلْأَمْرِ بِهِ وَمَا فِي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ مِنْ الصِّفَاتِ السَّيِّئَةِ الْمُنَاسِبَةِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَمِنْ تَفْضِيلِ بَعْضِ الْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ فِي نَفْسِهَا عَلَى بَعْضٍ وَلَمْ أَرَ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ قَطُّ أَنَّهُ خَالَفَ النُّصُوصَ الدَّالَّةَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ وَلَا تَأَوَّلَهُ عَلَى مَفْهُومِهِ مَعَ أَنَّهُ يُوجَدُ عَنْهُمْ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ اسْتِشْكَالٌ وَاشْتِبَاهٌ وَتَفْسِيرُهَا عَلَى أَقْوَالٍ مُخْتَلِفَةٍ قَدْ يَكُونُ بَعْضُهَا خَطَأً. وَالصَّوَابُ هُوَ الْقَوْلُ الْآخَرُ وَمَا وَجَدْتهمْ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ} وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأبي {أَيُّ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَعْظَمُ} وَقَوْلِهِ فِي الْفَاتِحَةِ {لَمْ يَنْزِلْ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الْقُرْآنِ مِثْلُهَا}
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute