للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنَّ هَذَا إنْسَاءٌ لِمَا رَفَعَهُ اللَّهُ وَأَمَّا نِسْيَانُ مَا أَمَرَ بِحِفْظِهِ فَمَذْمُومٌ قَالَ تَعَالَى: {كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} وَهَذَا النِّسْيَانُ وَإِنْ كَانَ مُتَضَمِّنًا لِتَرْكِ الْعَمَلِ بِهَا مَعَ حِفْظِهَا فَإِذَا نُسِيَتْ الْآيَاتُ بِالْكُلِّيَّةِ حَتَّى لَا يُعْرَفُ مَا فِيهَا كَانَ ذَلِكَ أَبْلَغَ فِي تَرْكِ الْعَمَلِ بِهَا فَكَانَ هَذَا مَذْمُومًا. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي فِي السُّنَنِ {مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ أَجْذَمُ} وَلِهَذَا كَرِهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُضِيفَ الْإِنْسَانُ النِّسْيَانَ إلَى نَفْسِهِ فَقَالَ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ {بِئْسَ مَا لِأَحَدِهِمْ أَنْ يَقُولَ: نَسِيت آيَةَ كَيْت وَكَيْت بَلْ هُوَ أَنْسَى. اسْتَذْكِرُوا الْقُرْآنَ فَلَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتًا مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنْ النَّعَمِ مِنْ عُقُلِهَا} ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} هُوَ مَا تَرَكَ تِلَاوَتَهُ وَرَسْمَهُ وَنَسْخَ حُكْمِهِ وَمَا أَنْسَى هُوَ مَا رَفَعَ فَلَا يُتْلَى. وَمِنْهُمْ مَنْ أَدْخَلَ فِي الْأَوَّلِ مَا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ وَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا. فَالْأَوَّلُ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَأَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَرَوَى النَّاسُ بِالْأَسَانِيدِ الثَّابِتَةِ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَوْلَهُ: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} قَالَ: نُثْبِتُ خَطَّهَا وَنُبَدِّلُ حُكْمَهَا قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ {أَوْ نُنْسِهَا} أَيْ نَمْحُوهَا فَإِنَّ مَا نُسِيَ لَمْ يُتْرَكْ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عِكْرِمَةَ {عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ مِمَّا يَنْزِلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَحْيُ بِاللَّيْلِ