للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاحِدٍ عَلَى اثْنَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَنِيَّتُهُ بِهِمَا وَاحِدَةٌ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِفَضِيلَةِ فَكَيْفَ يَكُونُ ثَوَابُ أَحَدِهِمَا أَضْعَافَ ثَوَابِ الْآخَرِ بَلْ تَفَاضُلُ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ دَلِيلٌ عَلَى تَفَاضُلِ الْأَعْمَالِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ. وَهَذَا الْكَلَامُ مُتَّصِلٌ بِالْكَلَامِ فِي اشْتِمَالِ الْأَعْمَالِ عَلَى صِفَاتٍ بِهَا كَانَتْ صَالِحَةً حَسَنَةً وَبِهَا كَانَتْ فَاسِدَةً قَبِيحَةً. وَقَدْ بُسِطَ هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: صِفَاتُ اللَّهِ لَا تَتَفَاضَلُ وَنَحْوَ ذَلِكَ؛ قَوْلٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ بَلْ هُوَ مَوْرِدُ النِّزَاعِ وَمَنْ الَّذِي جَعَلَ صِفَتَهُ الَّتِي هِيَ الرَّحْمَةُ لَا تَفْضُلُ عَلَى صِفَتِهِ الَّتِي هِيَ الْغَضَبُ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّ اللَّهَ كَتَبَ فِي كِتَابٍ مَوْضُوعٍ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ: إنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي - وَفِي رِوَايَةٍ - تَسْبِقُ غَضَبِي} وَصِفَةُ الْمَوْصُوفِ مِنْ الْعِلْمِ وَالْإِرَادَةِ وَالْقُدْرَةِ وَالْكَلَامِ وَالرِّضَا وَالْغَضَبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الصِّفَاتِ تَتَفَاضَلُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ بَعْضَ الصِّفَاتِ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ وَأَدْخَلَ فِي كُلِّ الْمَوْصُوفِ بِهَا فَإِنَّا نَعْلَمُ أَنَّ اتِّصَافَ الْعَبْدِ بِالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالرَّحْمَةِ أَفْضَلُ مِنْ اتِّصَافِهِ بِضِدِّ ذَلِكَ؛ لَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُوصَفُ بِضِدِّ ذَلِكَ وَلَا يُوصَفُ إلَّا بِصِفَاتِ الْكَمَالِ وَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُدْعَى بِهَا فَلَا يُدْعَى إلَّا بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَأَسْمَاؤُهُ مُتَضَمِّنَةٌ لِصِفَاتِهِ وَبَعْضُ أَسْمَائِهِ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ