وَكَذَلِكَ السَّدُّ وَالسَّدَادُ وَالسُّؤْدُدُ وَالسَّوَادُ وَكَذَلِكَ لَفْظُ الصَّمَدِ فِيهِ الْجَمْعُ وَالْجَمْعُ فِيهِ الْقُوَّةُ فَإِنَّ الشَّيْءَ كُلَّمَا اجْتَمَعَ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ خَلَلٌ كَانَ أَقْوَى مِمَّا إذَا كَانَ فِيهِ خُلُوٌّ. وَلِهَذَا يُقَالُ لِلْمَكَانِ الْغَلِيظِ الْمُرْتَفِعِ: صَمَدٌ لِقُوَّتِهِ وَتَمَاسُكِهِ وَاجْتِمَاعِ أَجْزَائِهِ وَالرَّجُلُ الصَّمَدُ هُوَ السَّيِّدُ الْمَصْمُودُ؛ أَيْ الْمَقْصُودُ يُقَالُ قَصَدْته وَقَصَدْت لَهُ وَقَصَدْت إلَيْهِ وَكَذَلِكَ هُوَ مَصْمُودٌ وَمَصْمُودٌ لَهُ وَإِلَيْهِ وَالنَّاسُ إنَّمَا يَقْصِدُونَ فِي حَوَائِجِهِمْ مَنْ يَقُومُ بِهَا. وَإِنَّمَا يَقُومُ بِهَا مَنْ يَكُونُ فِي نَفْسِهِ مُجْتَمِعًا قَوِيًّا ثَابِتًا وَهُوَ السَّيِّدُ الْكَرِيمُ بِخِلَافِ مَنْ يَكُونُ هَلُوعًا جَزُوعًا يَتَفَرَّقُ وَيُقْلِقُ وَيَتَمَزَّقُ مِنْ كَثْرَةِ حَوَائِجِهِمْ وَثِقَلِهَا فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ بِسَيِّدٍ صَمَدٍ يَصْمُدُونَ إلَيْهِ فِي حَوَائِجِهِمْ. فَهُمْ إنَّمَا سَمَّوْا السَّيِّدَ مِنْ النَّاسِ صَمَدًا؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ يَقْصِدُهُ النَّاسُ فِي حَوَائِجِهِمْ فَلَيْسَ مَعْنَى السَّيِّدِ فِي لُغَتِهِمْ مَعْنًى إضَافِيٍّ فَقَطْ - كَلَفْظِ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ - بَلْ هُوَ مَعْنًى قَائِمٌ بِالسَّيِّدِ؛ لِأَجْلِهِ يَقْصِدُهُ النَّاسُ وَالسَّيِّدُ مِنْ السُّؤْدُدِ وَالسَّوَادِ وَهَذَا مِنْ جِنْسِ السَّدَادِ فِي الِاشْتِقَاقِ الْأَكْبَرِ فَإِنَّ الْعَرَبَ تُعَاقِبُ بَيْنَ حَرْفِ الْعِلَّةِ وَالْحَرْفِ الْمُضَاعَفِ. كَمَا يَقُولُونَ: تَقَضَّى الْبَازِي وَتَقَضَّضَ وَالسَّادُّ هُوَ الَّذِي يَسُدُّ غَيْرَهُ فَلَا يَبْقَى فِيهِ خُلُوٌّ وَمِنْهُ سَدَادُ الْقَارُورَةِ وَسِدَادُ الثَّغْرِ بِالْكَسْرِ فِيهِمَا وَهُوَ مَا يَسُدُّ ذَلِكَ وَمِنْهُ السَّدَادُ بِالْفَتْحِ: وَهُوَ الصَّوَابُ وَمِنْهُ الْقَوْلُ السَّدِيدُ. قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute