للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ الْأَمْوَالِ وَأَقَرَّ بَهْ مِنْ الْحُقُوقِ لَكَانَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى عَيْنِ ذَلِكَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ مَقْبُولَةً مَعَ اسْتِحَالَةِ بَدَنِهِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ وَلَا يَقُولُ عَاقِلٌ مِنْ الْعُقَلَاءِ: إنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ عَلَى مِثْلِهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ. وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ الْمُعَيَّنُ حَيَوَانٌ أَوْ نَبَاتٌ وَشَهِدَ أَنَّ هَذَا الْحَيَوَانَ قَبَضَهُ هَذَا مِنْ هَذَا وَأَنَّ هَذَا الشَّجَرَ سَلَّمَهُ هَذَا إلَى هَذَا: كَانَ كَلَامًا مَعْقُولًا مَعَ الِاسْتِحَالَةِ وَإِذَا كَانَتْ الِاسْتِحَالَةُ غَيْرَ مُؤَثِّرَةٍ. فَقَوْلُ الْقَائِلِ يُعِيدُهُ عَلَى صِفَةِ مَا كَانَ وَقْتَ مَوْتِهِ أَوْ سِمَنِهِ أَوْ هُزَالِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ جَهْلٌ مِنْهُ فَإِنَّ صِفَةَ تِلْكَ النَّشْأَةِ الثَّانِيَةِ لَيْسَتْ مُمَاثَلَةً لِصِفَةِ هَذِهِ النَّشْأَةِ حَتَّى يُقَالَ: إنَّ الصِّفَاتِ هِيَ الْمُغَيَّرَةُ؛ إذْ لَيْسَ هُنَاكَ اسْتِحَالَةٌ؟ وَلَا اسْتِفْرَاغٌ وَلَا امْتِلَاءٌ وَلَا سِمَنٌ وَلَا هُزَالٌ وَلَا سِيَّمَا أَهْلَ الْجَنَّةِ إذَا دَخَلُوهَا فَإِنَّهُمْ يَدْخُلُونَهَا عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ: طُولَ أَحَدِهِمْ سِتُّونَ ذِرَاعًا كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَرُوِيَ أَنَّ عَرْضَهُ سَبْعَةُ أَذْرُعٍ وَهُمْ لَا يَبُولُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ وَلَا يَبْصُقُونَ وَلَا يَتَمَخَّطُونَ. وَلَيْسَتْ تِلْكَ النَّشْأَةُ مِنْ أَخْلَاطٍ مُتَضَادَّةٍ حَتَّى يَسْتَلْزِمَ مُفَارَقَةُ بَعْضِهَا بَعْضًا كَمَا فِي هَذِهِ النَّشْأَةِ وَلَا طَعَامُهُمْ مُسْتَحِيلًا وَلَا شَرَابُهُمْ مُسْتَحِيلًا مِنْ التُّرَابِ وَالْمَاءِ وَالْهَوَاءِ كَمَا هِيَ أطعماتهم فِي هَذِهِ النَّشْأَةِ وَلِهَذَا أَبْقَى اللَّهُ طَعَامَ الَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَشَرَابَهُ مِائَةَ عَامٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَدَلَّنَا سُبْحَانَهُ بِهَذَا عَلَى قُدْرَتِهِ فَإِذَا كَانَ فِي دَارِ الْكَوْنِ وَالْفَسَادِ يَبْقَى الطَّعَامُ الَّذِي