الثَّالِثُ: أَنَّ الصِّفَةَ لَا تَتَّحِدُ وَتَتَدَرَّعُ شَيْئًا إلَّا مَعَ الْمَوْصُوفِ فَيَكُونُ الْأَبُ نَفْسُهُ هُوَ الْمَسِيحَ وَالنَّصَارَى مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ هُوَ الْأَبُ فَإِنَّ قَوْلَهُمْ مُتَنَاقِضٌ: يَنْقُضُ بَعْضُهُ بَعْضًا يَجْعَلُونَهُ إلَهًا يَخْلُقُ وَيَرْزُقُ وَلَا يَجْعَلُونَهُ الْأَبَ الَّذِي هُوَ الْإِلَهُ وَيَقُولُونَ: إلَهٌ وَاحِدٌ وَقَدْ شَبَّهَهُ بَعْضُ مُتَكَلِّمِيهِمْ كَيَحْيَى بْنِ عَدِيٍّ بِالرَّجُلِ الْمَوْصُوفِ بِأَنَّهُ طَبِيبٌ وَحَاسِبٌ وَكَاتِبٌ وَلَهُ بِكُلِّ صِفَةٍ حَكَمٌ فَيُقَالُ: هَذَا حَقٌّ لَكِنَّ قَوْلَهُمْ لَيْسَ نَظِيرُ هَذَا فَإِذَا قُلْتُمْ أَنَّ الرَّبَّ مَوْجُودٌ حَيٌّ عَالِمٌ وَلَهُ بِكُلِّ صِفَةٍ حُكْمٌ فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُتَّحِدَ إنْ كَانَ هُوَ الذَّاتَ الْمُتَّصِفَةَ فَالصِّفَاتُ كُلُّهَا تَابِعَةٌ لَهَا فَإِنَّهُ إذَا تَدَرَّعَ زَيْدٌ الطَّبِيبُ الْحَاسِبُ الْكَاتِبُ دِرْعًا كَانَتْ الصِّفَاتُ كُلُّهَا قَائِمَةً بِهِ وَإِنْ كَانَ الْمُتَدَرِّعُ صِفَةً دُونَ صِفَةٍ عَادَ الْمَحْذُورُ. وَإِنْ قَالُوا: الْمُتَدَرِّعُ الذَّاتُ بِصِفَةٍ دُونَ صِفَةٍ لَزِمَ افْتِرَاقُ الصِّفَتَيْنِ وَهَذَا مُمْتَنِعٌ؛ فَإِنَّ الصِّفَاتِ الْقَائِمَةَ بِمَوْصُوفٍ وَاحِدٍ وَهِيَ لَازِمَةٌ لَهُ لَا تَفْتَرِقُ وَصِفَاتُ الْمَخْلُوقِينَ قَدْ يُمْكِنُ عَدَمُ بَعْضِهَا مَعَ بَقَاءِ الْبَاقِي بِخِلَافِ صِفَاتِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى. الرَّابِعُ: إنَّ الْمَسِيحَ نَفْسَهُ لَيْسَ هُوَ كَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَا شَيْئًا مِنْ صِفَاتِهِ بَلْ هُوَ مَخْلُوقٌ بِكَلِمَةِ اللَّهِ وَسَمِّي كَلِمَةً لِأَنَّهُ خُلِقَ بكن مِنْ غَيْرِ الْحَبْلِ الْمُعْتَادِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} وَقَالَ تَعَالَى: {ذَلِكَ عِيسَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute