وَأَيْضًا فَكَلِمَاتُ اللَّهِ كَثِيرَةٌ لَا نِهَايَةَ لَهَا. كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} وَهَذَا قَوْلُ جَمَاهِيرِ النَّاسِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا مَذْهَبُ سَلَفِ الْأُمَّةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَمْ يَزَلْ سُبْحَانَهُ مُتَكَلِّمًا بِمَشِيئَتِهِ. وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّهُ لَمْ يَزَلْ قَادِرًا عَلَى الْكَلَامِ لَكِنْ تَكَلَّمَ بِمَشِيئَتِهِ كَلَامًا قَائِمًا بِذَاتِهِ حَادِثًا وَقَوْلُ مَنْ قَالَ كَلَامُهُ مَخْلُوقٌ فِي غَيْرِهِ. وَأَمَّا مَنْ قَالَ: كَلَامُهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ قَدِيمُ الْعَيْنِ فَهَؤُلَاءِ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: إنَّهُ أُمُورٌ لَا نِهَايَةَ لَهَا مَعَ ذَلِكَ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: بَلْ هُوَ مَعْنًى وَاحِدٌ وَلَكِنَّ الْعِبَارَاتِ عَنْهُ مُتَعَدِّدَةٌ وَهَؤُلَاءِ يَمْتَنِعُ عِنْدَهُمْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَعْنَى قَائِمًا بِغَيْرِ اللَّهِ وَإِنَّمَا يَقُومُ بِغَيْرِهِ عِنْدَهُمْ الْعِبَارَاتُ الْمَخْلُوقَةُ وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الْمَسِيحُ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الْعِبَارَاتِ فَإِذَا امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ الْمَسِيحُ غَيْرَ كَلَامِ اللَّهِ عَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ فَعَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ أَشَدُّ امْتِنَاعًا؛ لِأَنَّ كَلِمَاتِ اللَّهِ كَثِيرَةٌ وَالْمَسِيحُ لَيْسَ هُوَ جَمِيعَهَا بَلْ وَلَا مَخْلُوقًا بِجَمِيعِهَا وَإِنَّمَا خُلِقَ بِكَلِمَةٍ مِنْهَا وَلَيْسَ هُوَ عَيْنُ تِلْكَ الْكَلِمَةِ فَإِنَّ الْكَلِمَةَ صِفَةٌ مِنْ الصِّفَاتِ وَالْمَسِيحُ عَيْنٌ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ. ثُمَّ يُقَالُ لَهُمْ: تَسْمِيَتُكُمْ الْعِلْمَ وَالْكَلِمَةَ وَلَدًا وَابْنًا تَسْمِيَةٌ بَاطِلَةٌ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ وَالْعُقَلَاءِ وَلَمْ يُنْقَلْ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ قَالُوا: لِأَنَّ الذَّاتَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute