وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} وَقَالَ: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} وَمَا أُضِيفَ إلَى اللَّهِ أَوْ قِيلَ هُوَ مِنْهُ فَعَلَى وَجْهَيْنِ إنْ كَانَ عَيْنًا قَائِمَةً بِنَفْسِهَا فَهُوَ مَمْلُوكٌ لَهُ وَمِنْ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَأَرْسَلْنَا إلَيْهَا رُوحَنَا} وَقَالَ فِي الْمَسِيحِ: {وَرُوحٌ مِنْهُ} وَمَا كَانَ صِفَةً لَا يَقُومُ بِنَفْسِهِ كَالْعِلْمِ وَالْكَلَامِ فَهُوَ صِفَةٌ لَهُ كَمَا يُقَالُ كَلَامُ اللَّهِ وَعِلْمُ اللَّهِ وَكَمَا قَالَ تَعَالَى: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} وَقَالَ: {وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} وَأَلْفَاظُ الْمَصَادِرِ يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ الْمَفْعُولِ فَيُسَمَّى الْمَأْمُورُ بِهِ أَمْرًا وَالْمَقْدُورُ قُدْرَةً وَالْمَرْحُومُ بِهِ رَحْمَةً وَالْمَخْلُوقُ بِالْكَلِمَةِ كَلِمَةً فَإِذَا قِيلَ فِي الْمَسِيحِ: إنَّهُ كَلِمَةُ اللَّهِ فَالْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ خُلِقَ بِكَلِمَةِ قَوْلِهِ كُنْ وَلَمْ يُخْلَقْ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ مِنْ الْبَشَرِ وَإِلَّا فَعِيسَى بَشَرٌ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ لَيْسَ هُوَ كَلَامًا صِفَةً لِلْمُتَكَلِّمِ يَقُومُ بِهِ وَكَذَلِكَ إذَا قِيلَ عَنْ الْمَخْلُوقِ: إنَّهُ أَمْرُ اللَّهِ. فَالْمُرَادُ أَنَّ اللَّهَ كَوْنُهُ بِأَمْرِهِ كَقَوْلِهِ: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} وَقَوْلِهِ: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ} فَالرَّبُّ تَعَالَى أَحَدٌ صَمَدٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَبَعَّضَ وَيَتَجَزَّأَ فَيَصِيرُ بَعْضُهُ فِي غَيْرِهِ سَوَاءٌ سُمِّيَ ذَلِكَ رُوحًا أَوْ غَيْرُهُ فَبَطَلَ مَا يَتَوَهَّمُهُ النَّصَارَى مِنْ كَوْنِهِ ابْنًا لَهُ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ عَبْدٌ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ. وَقَدْ قِيلَ: مَنْشَأُ ضَلَالِ الْقَوْمِ أَنَّهُ كَانَ فِي لُغَةِ مَنْ قَبْلَنَا يُعَبَّرُ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute