للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} فَمَا يُنَزِّلُهُ اللَّهُ فِي قُلُوبِ أَنْبِيَائِهِ مِمَّا تَحْيَا بِهِ قُلُوبُهُمْ مِنْ الْإِيمَانِ الْخَالِصِ يُسَمِّيهِ رُوحًا وَهُوَ مَا يُؤَيِّدُ اللَّهُ بِهِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ عِبَادِهِ فَكَيْفَ بِالْمُرْسَلِينَ مِنْهُمْ وَالْمَسِيحُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ أُولِي الْعَزْمِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَذَا مِنْ جُمْهُورِ الرُّسُلِ وَالْأَنْبِيَاءِ وَقَالَ تَعَالَى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} وَقَدْ ذَكَرَ الزَّجَّاجُ فِي تَأْيِيدِهِ بِرُوحِ الْقُدُسِ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ أَيَّدَهُ بِهِ لِإِظْهَارِ أَمْرِهِ وَدِينِهِ. الثَّانِي: لِدَفْعِ بَنِي إسْرَائِيلَ عَنْهُ إذْ أَرَادُوا قَتْلَهُ. الثَّالِثُ: أَنَّهُ أَيَّدَهُ بِهِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ. وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ لَفْظَ الِابْنِ فِي لُغَتِهِمْ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِالْمَسِيحِ بَلْ عِنْدَهُمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي التَّوْرَاةِ لِإِسْرَائِيلَ: أَنْتَ ابْنِي بِكْرِيّ وَالْمَسِيحُ كَانَ يَقُولُ أَبِي وَأَبُوكُمْ فَيَجْعَلُهُ أَبًا لِلْجَمِيعِ وَيُسَمِّي غَيْرَهُ ابْنًا لَهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا اخْتِصَاصَ لِلْمَسِيحِ بِذَلِكَ وَلَكِنَّ النَّصَارَى يَقُولُونَ: هُوَ ابْنُهُ بِالطَّبْعِ وَغَيْرُهُ ابْنُهُ بِالْوَضْعِ فَيُفَرِّقُونَ فَرْقًا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَوْلُهُمْ هُوَ ابْنُهُ بِالطَّبْعِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ الْمُحَالَاتِ عَقْلًا وَسَمْعًا مَا يَبِينُ بُطْلَانُهُ.