ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمِحْنَةَ إنَّمَا تَنْقَطِعُ إذَا دَخَلُوا دَارَ الْجَزَاءِ وَأَمَّا قَبْلَ دَارِ الْجَزَاءِ امْتِحَانٌ وَابْتِلَاءٌ. فَإِذَا انْقَطَعَ عَنْ النَّاسِ نُورُ النُّبُوَّةِ وَقَعُوا فِي ظُلْمَةِ الْفِتَنِ وَحَدَثَتْ الْبِدَعُ وَالْفُجُورُ وَوَقَعَ الشَّرُّ بَيْنَهُمْ. كَمَا فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ. " {سَأَلْت رَبِّي ثَلَاثًا فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَمَنَعَنِي الثَّالِثَةَ سَأَلْته أَنْ لَا يَهْلِك أُمَّتِي بِسَنَةِ عَامَّةٍ فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلْته أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَيَجْتَاحُهُمْ فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلْته أَنْ لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمَنَعَنِيهَا} " وَالْبَأْسُ مُشْتَقٌّ مِنْ الْبُؤْسِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} قَالَ أَعُوذُ بِوَجْهِك {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} قَالَ: أَعُوذُ بِوَجْهِك. {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} قَالَ هَاتَانِ أَهْوَنُ} . فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَلْبِسَهُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ مَعَ بَرَاءَةِ الرَّسُولِ فِي هَذِهِ الْحَالِ وَهُمْ فِيهَا فِي جَاهِلِيَّةٍ. وَلِهَذَا قَالَ الزُّهْرِيُّ وَقَعَتْ الْفِتْنَةُ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَافِرُونَ فَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ كُلَّ دَمٍ أَوْ مَالٍ أَوْ فَرْجٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute