للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَا أَبْدَانَ الْحَيَوَانِ مِثْلُ الْحَدِيدِ وَالْجِبَالِ فَكَيْفَ يُوَافِقُونَك عَلَى أَنَّ الرَّبَّ تَعَالَى يَكُونُ مُمَاثِلًا لِخَلْقِهِ إذَا أَثْبَتُوا لَهُ مَا أَثَبَتَ لَهُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَاَللَّهُ تَعَالَى قَدْ نَفَى الْمُمَاثَلَاتِ فِي بَعْضِ الْمَخْلُوقَاتِ وَكِلَاهُمَا جِسْمٌ كَقَوْلِهِ: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} مَعَ أَنَّ كِلَاهُمَا بَشَرٌ. فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إذَا كَانَ لِرَبِّ السَّمَوَاتِ عِلْمٌ وَقُدْرَةٌ أَنَّهُ يَكُونُ مُمَاثِلًا لِخَلْقِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ لَا فِي ذَاتِهِ وَلَا فِي صِفَاتِهِ وَلَا فِي أَفْعَالِهِ. وَنُكْتَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْجِسْمَ فِي اعْتِقَادِ هَذَا النَّافِي يَسْتَلْزِمُ مُمَاثَلَةَ سَائِرِ الْأَجْسَامِ وَيَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ مُرَكَّبًا مِنْ الْجَوَاهِرِ الْفَرْدَةِ أَوْ مِنْ الْمَادَّةِ وَالصُّورَةِ وَأَكْثَرُ الْعُقَلَاءِ يُخَالِفُونَهُ فِي هَذَا التَّلَازُمِ وَهَذَا التَّلَازُمُ مُنْتَفٍ بِاتِّفَاقِ الْفَرِيقَيْنِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ. فَإِذَا اتَّفَقُوا عَلَى انْتِفَاءِ النَّقْصِ الْمَنْفِيِّ عَنْ اللَّهِ شَرْعًا وَعَقْلًا بَقِيَ بَحْثُهُمْ فِي الْجِسْمِ الِاصْطِلَاحِيِّ هَلْ هُوَ مُسْتَلْزِمٌ لِهَذَا الْمَحْذُورِ؟ وَهُوَ بَحْثٌ عَقْلِيٌّ كَبَحْثِ النَّاسِ فِي الْأَعْرَاضِ هَلْ تَبْقَى أَوْ لَا تَبْقَى؟ وَهَذَا الْبَحْثُ الْعَقْلِيُّ لَمْ يَرْتَبِطْ بِهِ دِينُ الْمُسْلِمِينَ بَلْ لَمْ يَنْطِقْ كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ وَلَا أَثَرٌ مِنْ السَّلَفِ بِلَفْظِ الْجِسْمِ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لَا نَفْيًا وَلَا إثْبَاتًا فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَبْتَدِعَ اسْمًا مُجْمَلًا يَحْتَمِلُ مَعَانِيَ مُخْتَلِفَةً لَمْ يَنْطِقْ بِهِ الشَّرْعُ وَيُعَلِّقْ بِهِ دِينَ الْمُسْلِمِينَ وَلَوْ كَانَ قَدْ نَطَقَ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ فَكَيْفَ إذَا