للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالسَّحَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ جَمْعُ الْجَوَاهِرِ وَتَفْرِيقُهَا وَتَغْيِيرُ صِفَاتِهَا مِنْ حَالٍ إلَى حَالٍ لَا أَنَّهُ يُبْدِعُ شَيْئًا مِنْ الْجَوَاهِرِ وَالْأَجْسَامِ الْقَائِمَةِ بِأَنْفُسِهَا وَهَذَا الْقَوْلُ أَكْثَرُ الْعُقَلَاءِ يُنْكِرُهُ وَيَقُولُ: هُوَ مُخَالِفٌ لِلْحِسِّ وَالْعَقْلِ وَالشَّرْعِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ الْجِسْمُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ مُسْتَلْزِمًا لِهَذَا الْمَعْنَى. ثُمَّ الْجِسْمُ قَدْ يُرَادُ بِهِ الْغِلَظُ نَفْسُهُ وَهُوَ عَرَضٌ قَائِمٌ بِغَيْرِهِ وَقَدْ يُرَادُ بِهِ الشَّيْءُ الْغَلِيظُ وَهُوَ الْقَائِمُ بِنَفْسِهِ. فَنَقُولُ: هَذَا الثَّوْبُ لَهُ جِسْمٌ: أَيْ غِلَظٌ وَقَوْلُهُ: {وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} قَدْ يَحْتَجُّ بِهِ عَلَى هَذَا فَإِنَّهُ قَرَنَ الْجِسْمَ بِالْعِلْمِ الَّذِي هُوَ مَصْدَرٌ. فَنَقُولُ الْمَعْنَى زَادَهُ بَسْطَةً فِي قَدْرِهِ فَجَعَلَ قَدْرَ بَدَنِهِ أَكْبَرَ مِنْ بَدَنِ غَيْرِهِ فَيَكُونُ الْجِسْمُ هُوَ الْقَدْرُ نَفْسُهُ لَا نَفْسَ الْمُقَدَّرِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ} أَيْ صُوَرُهُمْ الْقَائِمَةُ بِأَبْدَانِهِمْ كَمَا تَقُولُ: أَعْجَبَنِي حُسْنُهُ وَجَمَالُهُ وَلَوْنُهُ وَبَهَاؤُهُ فَقَدْ يُرَادُ صِفَةُ الْأَبْدَانِ وَقَدْ يُرَادُ نَفْسُ الْأَبْدَانِ وَهُمْ إذَا قَالُوا: هَذَا أَجْسَمُ مِنْ هَذَا أَرَادُوا أَنَّهُ أَغْلَظُ وَأَعْظَمُ مِنْهُ أَمَّا كَوْنُهُمْ يُرِيدُونَ بِذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ الْعِظَمَ وَالْغِلَظَ كَانَ لِزِيَادَةِ الْأَجْزَاءِ فَهَذَا مِمَّا يُعْلَمُ قَطْعًا أَنَّهُ لَمْ يَخْطِرْ بِبَالِ أَهْلِ اللُّغَةِ إلَّا مَنْ أَخَذَ ذَلِكَ عَمَّنْ اعْتَقَدَهُ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ الْمُحْدَثِ الَّذِي أُحْدِثَ فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَ انْقِرَاضِ عَصْرِ الصَّحَابَةِ وَأَكْثَرِ التَّابِعِينَ فَإِنَّ هَذَا لَمْ