الْمُتَحَيِّزُ وَقَدْ يُرَادُ بِهِ الْجَوْهَرُ الْفَرْدُ. وَمِنْ الْفَلَاسِفَةِ مَنْ يَدَّعِي إثْبَاتَ جَوَاهِرَ قَائِمَةٍ بِأَنْفُسِهَا غَيْرِ مُتَحَيِّزَةٍ. وَمُتَأَخِّرُو أَهْلِ الْكَلَامِ كَالشِّهْرِسْتَانِي وَالرَّازِي والآمدي وَنَحْوِهِمْ يَقُولُونَ: لَيْسَ فِي الْعَقْلِ مَا يُحِيلُ ذَلِكَ وَلِهَذَا كَانَ مَنْ سَلَكَ سَبِيلَ هَؤُلَاءِ - وَهُوَ إنَّمَا يُثْبِتُ حُدُوثَ الْعَالَمِ بِحُدُوثِ الْأَجْسَامِ - يَقُولُ بِتَقْدِيرِ وُجُودِ جَوَاهِرَ عَقْلِيَّةٍ فَلَيْسَ فِي هَذَا الدَّلِيلِ مَا يَدُلُّ عَلَى حُدُوثِهَا وَلِهَذَا صَارَ طَائِفَةٌ مِمَّنْ خَلَطَ الْكَلَامَ بِالْفَلْسَفَةِ إلَى قَدَمِ الْجَوَاهِرِ الْعَقْلِيَّةِ وَحُدُوثِ الْأَجْسَامِ وَأَنَّ السَّبَبَ الْمُوجِبَ لِحُدُوثِهَا هُوَ حُدُوثُ تَصَوُّرٍ مِنْ تَصَوُّرَاتِ النَّفْسِ وَبَعْضِ أَعْيَانِ الْمُصَنِّفِينَ كَانَ يَقُولُ بِهَذَا. وَكَذَلِكَ الأرموي صَاحِبُ " اللُّبَابِ " الَّذِي أَجَابَ عَنْ شُبْهَةِ الْفَلَاسِفَةِ عَلَى دَوَامِ الْفَاعِلِيَّةِ الْمُتَضَمِّنَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْحُدُوثِ مِنْ سَبَبٍ فَأَجَابَ بِالْجَوَابِ الْبَاهِرِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ كَلَامِ الرَّازِي فِي " الْمَطَالِبِ الْعَالِيَةِ " فَإِنَّهُ أَجَابَ بِهِ وَهُوَ فِي " الْمَطَالِبِ الْعَالِيَةِ " يَخْلِطُ كَلَامَ الْفَلَاسِفَةِ بِكَلَامِ الْمُتَكَلِّمِينَ وَهُوَ فِي مَسْأَلَةِ الْحُدُوثِ وَالْقِدَمِ حَائِرٌ وَهَذَا الْجَوَابُ مِنْ أَفْسَدِ الْأَجْوِبَةِ. فَإِنَّهُ يُقَالُ. مَا الْمُوجِبُ لِحُدُوثِ تِلْكَ التَّصَوُّرَاتِ دَائِمًا ثُمَّ إنَّ النَّفْسَ عِنْدَهُمْ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مُتَّصِلَةً بِالْجِسْمِ فَيَمْتَنِعُ وُجُودُ نَفْسٍ بِدُونِ جِسْمٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute