السَّلَفِ؛ بَلْ الثَّابِتُ عَنْ السَّلَفِ مُخَالِفٌ لَهَا " فَلَمَّا وَقَعَ بَيْنَ الْمُتَكَلِّمِينَ تَقْصِيرٌ وَجَهْلٌ كَثِيرٌ بِحَقَائِقِ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ وَهُمْ فِي الْعَقْلِيَّاتِ تَارَةً يُوَافِقُونَ الْفَلَاسِفَةَ عَلَى بَاطِلِهِمْ وَتَارَةً يُخَالِفُونَهُمْ فِي حَقِّهِمْ صَارَتْ الْمُنَاظَرَاتُ بَيْنَهُمْ دُوَلًا. وَإِنْ كَانَ الْمُتَكَلِّمُونَ أَصَحَّ مُطْلَقًا فِي الْعَقْلِيَّاتِ الْإِلَهِيَّةِ وَالْكُلِّيَّةِ كَمَا أَنَّهُمْ أَقْرَبُ إلَى الشَّرْعِيَّاتِ مِنْ الْفَلَاسِفَةِ؛ فَإِنَّ الْفَلَاسِفَةَ كَلَامُهُمْ فِي الْإِلَهِيَّاتِ وَالْكُلِّيَّاتِ الْعَقْلِيَّةِ كَلَامٌ قَاصِرٌ جِدًّا وَفِيهِ تَخْلِيطٌ كَثِيرٌ وَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُونَ جَيِّدًا فِي الْأُمُورِ الْحِسِّيَّةِ الطَّبِيعِيَّةِ وَفِي كُلِّيَّاتِهَا فَكَلَامُهُمْ فِيهَا فِي الْغَالِبِ جَيِّدٌ. وَأَمَّا الْغَيْبُ الَّذِي تُخْبِرُ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ وَالْكُلِّيَّاتُ الْعَقْلِيَّةُ الَّتِي تَعُمُّ الْمَوْجُودَاتِ كُلَّهَا وَتَقْسِيمُ الْمَوْجُودَاتِ كُلِّهَا قِسْمَةٌ صَحِيحَةٌ فَلَا يَعْرِفُونَهَا أَلْبَتَّةَ: فَإِنَّ هَذَا لَا يَكُونُ إلَّا مِمَّنْ أَحَاطَ بِأَنْوَاعِ الْمَوْجُودَاتِ وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَ إلَّا الْحَسَيَاتِ وَبَعْضَ لَوَازِمِهَا وَهَذَا مَعْرِفَةٌ بِقَلِيلٍ مِنْ الْمَوْجُودَاتِ جِدًّا فَإِنَّ مَا لَا يَشْهَدُهُ الْآدَمِيُّونَ مِنْ الْمَوْجُودَاتِ أَعْظَمُ قَدْرًا. وَصِفَةً مِمَّا يَشْهَدُونَهُ بِكَثِيرِ. وَلِهَذَا كَانَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ عَرَفُوا مَا عَرَفْته الْفَلَاسِفَةُ إذَا سَمِعُوا إخْبَارَ الْأَنْبِيَاءِ بِالْمَلَائِكَةِ وَالْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنْ لَا مَوْجُودَ إلَّا مَا عَلِمُوهُ هُمْ وَالْفَلَاسِفَةُ: يَصِيرُونَ حَائِرِينَ مُتَأَوِّلِينَ لِكَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى مَا عَرَفُوهُ وَإِنْ كَانَ هَذَا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُمْ بِهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute