للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْعَالِمَيْنِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى. وَمِنْ هُنَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ عَامَّةَ مَا يَقُولُهُ الْمُتَفَلْسِفَةُ وَهَؤُلَاءِ الْمُتَكَلِّمَةُ فِي نُفُوسِ بَنِي آدَمَ وَفِي الْمَلَائِكَةِ بَاطِلٌ فَكَيْفَ بِمَا يَقُولُونَهُ فِي رَبِّ الْعَالَمِينَ وَلِهَذَا تُوجَدُ الْكُتُبُ الْمُصَنَّفَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا مَقَالَاتُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْكِبَارِ فِي رَبِّ الْعَالَمِينَ وَفِي مَلَائِكَتِهِ وَفِي أَرْوَاحِ بَنِي آدَمَ وَفِي الْمَعَادِ وَفِي النُّبُوَّاتِ لَيْسَ فِيهَا قَوْلٌ يُطَابِقُ الْعَقْلَ وَالشَّرْعَ وَلَا يَعْرِفُونَ مَا قَالَهُ السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَا مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ. فَلِهَذَا يَغْلِبُ عَلَى فُضَلَائِهِمْ الْحَيْرَةُ فَإِنَّهُمْ إذَا أَنْهَوْا النَّظَرَ لَمْ يَصِلُوا إلَى عِلْمٍ. لِأَنَّ مَا نَظَرُوا فِيهِ مِنْ كَلَامِ الطَّائِفَتَيْنِ مُشْتَمِلٌ عَلَى بَاطِلٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَلِهَذَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِي فِي آخِرِ عُمْرِهِ: لَقَدْ تَأَمَّلْت الطُّرُقَ الْكَلَامِيَّةَ وَالْمَنَاهِجَ الْفَلْسَفِيَّةَ فَمَا رَأَيْتهَا تَشْفِي عَلِيلًا وَلَا تَرْوِي غَلِيلًا وَرَأَيْت أَقْرَبَ الطُّرُقِ طَرِيقَةَ الْقُرْآنِ اقْرَأْ فِي الْإِثْبَاتِ: {إلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} وَاقْرَأْ فِي النَّفْيِ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} وَمَنْ جَرَّبَ مِثْلَ تَجْرِبَتِي عَرَفَ مِثْلَ مَعْرِفَتِي. وَأَمَّا مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْمُتَحَيِّزَ هُوَ مَا بَايَنَ غَيْرَهُ فَانْحَازَ عَنْهُ وَلَيْسَ