للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْأَوْعِيَةَ مِنْهَا أَطْرَافَهَا دُونَ أَوْسَاطِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ الرُّوحَ وَالْبَدَنَ بَلْ الرُّوحُ مُتَعَلِّقَةٌ بِجَمِيعِ أَجْزَاءِ الْبَدَنِ بَاطِنِهِ وَظَاهِرِهِ وَكَذَلِكَ دُخُولُهَا فِيهَا لَيْسَ كَدُخُولِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فِي بَدَنِ الْآكِلِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَهُ مَجَارٍ مَعْرُوفَةٌ وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ. - إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِهِ - وَلَا جَرَيَانُهَا فِي الْبَدَنِ كَجَرَيَانِ الدَّمِ فَإِنَّ الدَّمَ يَكُونُ فِي بَعْضِ الْبَدَنِ دُونَ بَعْضٍ. فَفِي الْجُمْلَةِ كُلُّ مَا يُذْكَرُ مِنْ النَّظَائِرِ لَا يَكُونُ كُلُّ شَيْءٍ مِنْهُ مُتَعَلِّقًا بِالْآخَرِ؛ بِخِلَافِ الرُّوحِ وَالْبَدَنِ لَكِنْ هِيَ مَعَ هَذَا فِي الْبَدَنِ قَدْ وَلَجَتْ فِيهِ وَتَخْرُجُ مِنْهُ وَقْتَ الْمَوْتِ وَتُسَلُّ مِنْهُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَتَخْرُجُ مِنْ الْبَدَنِ شَيْئًا فَشَيْئًا لَا تُفَارِقُهُ كَمَا يُفَارِقُ الْمَلِكُ مَدِينَتَهُ الَّتِي يُدَبِّرُهَا وَالنَّاسُ لَمَّا لَمْ يَشْهَدُوا لَهَا نَظِيرًا عَسُرَ عَلَيْهِمْ التَّعْبِيرُ عَنْ حَقِيقَتِهَا وَهَذَا تَنْبِيهٌ لَهُمْ عَلَى أَنَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ لَمْ يَعْرِفُوا حَقِيقَتَهُ وَلَا تَصَوَّرُوا كَيْفِيَّتَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَأَنَّ مَا يُضَافُ إلَيْهِ مِنْ صِفَاتِهِ هُوَ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ جَلَّ جَلَالُهُ. فَإِنَّ الرُّوحَ الَّتِي هِيَ بَعْضُ عَبِيدِهِ تُوصَفُ بِأَنَّهَا تَعْرُجُ إذَا نَامَ الْإِنْسَانُ وَتَسْجُدُ تَحْتَ الْعَرْشِ وَهِيَ مَعَ هَذَا فِي بَدَنِ صَاحِبِهَا لَمْ تُفَارِقْهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَالْإِنْسَانُ فِي نَوْمِهِ يُحِسُّ بِتَصَرُّفَاتِ رُوحِهِ تَصَرُّفَاتٍ تُؤَثِّرُ فِي بَدَنِهِ فَهَذَا الصُّعُودُ الَّذِي تُوصَفُ بِهِ الرُّوحُ لَا يُمَاثِلُ صُعُودَ الْمَشْهُودَاتِ فَإِنَّهَا إذَا صَعِدَتْ إلَى مَكَانٍ فَارَقَتْ الْأَوَّلَ بِالْكُلِّيَّةِ وَحَرَكَتِهَا