للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِدَاخِلِ الْعَالَمِ وَلَا خَارِجِهِ وَلَا يُشَارُ إلَيْهِ وَلَا هُوَ فَوْقَ الْعَالَمِ وَلَا كَذَا وَلَا كَذَا لَنَفَرَتْ قُلُوبُهُمْ عَنْهُ وَقَالُوا هَذَا لَا يُعْرَفُ قَالُوا فَخَاطَبَهُمْ بِالتَّجْسِيمِ حَتَّى يُثْبِتَ لَهُمْ رَبًّا يَعْبُدُونَهُ وَإِنْ كَانَ يَعْرِفُ أَنَّ التَّجْسِيمَ بَاطِلٌ وَهَذَا يَقُولُهُ طَوَائِفُ مِنْ أَعْيَانِ الْفُقَهَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمَشْهُورِينَ الَّذِينَ ظَنُّوا أَنَّ مَذْهَبَ الْنُّفَاةِ هُوَ الصَّحِيحُ وَاحْتَاجُوا أَنْ يَعْتَذِرُوا عَمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْإِثْبَاتِ كَمَا يُوجَدُ فِي كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ. وَتَارَةً يَقُولُونَ. إنَّمَا عَدَلَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيَانِ الْحَقِّ لِيَجْتَهِدُوا فِي مَعْرِفَةِ الْحَقِّ مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفِهِ وَيَجْتَهِدُوا فِي تَأْوِيلِ أَلْفَاظِهِ فَتَعْظُمَ أُجُورُهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ اجْتِهَادُهُمْ فِي عَقْلِيَّاتِهِمْ وَتَأْوِيلَاتِهِمْ. وَلَا يَقُولُونَ إنَّهُ قَصَدَ بِهِ إفْهَامَ الْعَامَّةِ الْبَاطِلَ كَمَا يَقُولُ أُولَئِكَ الْمُتَفَلْسِفَةُ. وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُتَكَلِّمِينَ الْنُّفَاةِ مِنْ الْجَهْمِيَّة وَالْمُعْتَزِلَةِ وَمَنْ سَلَكَ مَسْلَكَهُمْ حَتَّى ابْنُ عَقِيلٍ وَأَمْثَالُهُ. وَأَبُو حَامِدٍ وَابْنُ رُشْدٍ الْحَفِيدُ وَأَمْثَالُهُمَا يُوجَدُ فِي كَلَامِهِمْ الْمَعْنَى الْأَوَّلُ. وَأَبُو حَامِدٍ إنَّمَا ذَمَّ التَّأْوِيلَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ وَصَنَّفَ " إلْجَامَ الْعَوَامِّ عَنْ عِلْمِ الْكَلَامِ " مُحَافَظَةً عَلَى هَذَا الْأَصْلِ لِأَنَّهُ رَأَى مَصْلَحَةَ الْجُمْهُورِ لَا تَقُومُ إلَّا بِإِبْقَاءِ الظَّوَاهِرِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ هُوَ يَرَى مَا ذَكَرَهُ فِي كُتُبِهِ " الْمُضْنُونَ بِهَا " أَنَّ النَّفْيَ هُوَ الثَّابِتُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.