وَالتَّأْوِيلُ: صَرْفُ الْآيَةِ إلَى مَعْنًى تَحْتَمِلُهُ يُوَافِقُ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا وَتَكَلَّمَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِكَلَامٍ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ إلَّا أَنَّ التَّأْوِيلَ الَّذِي ذَكَرَهُ. هُوَ الْمَعْنَى الثَّالِثُ الْمُتَأَخِّرُ وَأَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ يَقُولُ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ التَّفْسِيرُ وَالتَّأْوِيلُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ؟ أَمْ يَخْتَلِفَانِ؟ فَذَهَبَ قَوْمٌ يَمِيلُونَ إلَى الْعَرَبِيَّةِ: إلَى أَنَّهُمَا بِمَعْنًى وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الْمُفَسِّرِينَ الْمُتَقَدِّمِينَ. وَذَهَبَ قَوْمٌ يَمِيلُونَ إلَى الْفِقْهِ: إلَى اخْتِلَافِهِمَا فَقَالُوا: التَّفْسِيرُ إخْرَاجُ الشَّيْءِ عَنْ مَقَامِ الْخَفَاءِ إلَى مَقَامِ التَّجَلِّي وَالتَّأْوِيلُ: نَقْلُ الْكَلَامِ عَنْ وَضْعِهِ إلَى مَا يَحْتَاجُ فِي إثْبَاتِهِ إلَى دَلِيلٍ لَوْلَاهُ مَا تُرِكَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ فَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِك آلَ الشَّيْءُ إلَى كَذَا. أَيْ صَارَ إلَيْهِ فَهَؤُلَاءِ لَا يَذْكُرُونَ لِلتَّأْوِيلِ إلَّا الْمَعْنَى الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ وَأَمَّا التَّأْوِيلُ فِي لُغَةِ الْقُرْآنِ فَلَا يَذْكُرُونَهُ وَقَدْ عُرِفَ أَنَّ التَّأْوِيلَ فِي الْقُرْآنِ هُوَ الْمَوْجُودُ الَّذِي يَئُولُ إلَيْهِ الْكَلَامُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مُوَافِقًا الْمَعْنَى الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ اللَّفْظِ بَلْ لَا يُعْرَفُ فِي الْقُرْآنِ لَفْظُ التَّأْوِيلِ مُخَالِفًا لِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ خِلَافَ اصْطِلَاحِ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَالْكَلَامُ نَوْعَانِ: إنْشَاءٌ وَإِخْبَارٌ. فَالْإِنْشَاءُ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالْإِبَاحَةُ وَتَأْوِيلُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ نَفْسُ فِعْلِ الْمَأْمُورِ وَنَفْسُ تَرْكِ الْمَحْظُورِ. كَمَا فِي الصَّحِيحِ {عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute