فَعَلْت بِأَهْلِ مُلْكِي وَمِلْكِي وَكُلُّ مَا سِوَى اللَّهِ مَخْلُوقٌ لَهُ مَمْلُوكٌ لَهُ وَهُوَ سُبْحَانَهُ يُدَبِّرُ أَمْرَ الْعَالَمِ بِنَفْسِهِ وَمَلَائِكَتِهِ الَّتِي هِيَ رُسُلُهُ فِي خَلْقِهِ وَأَمْرِهِ وَهُوَ سُبْحَانَهُ أَحَقُّ مَنْ قَالَ: إنَّا وَنَحْنُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ فَإِنَّ مَا سِوَاهُ لَيْسَ لَهُ مُلْكٌ تَامٌّ وَلَا أَمْرٌ مُطَاعٌ طَاعَةً تَامَّةً فَهُوَ الْمُسْتَحِقُّ أَنْ يَقُولَ: (إنَّا و (نَحْنُ وَالْمُلُوكُ لَهُمْ شَبَهٌ بِهَذَا فَصَارَ فِيهِ أَيْضًا مِنْ الْمُتَشَابِهِ مَعْنًى آخَرُ وَلَكِنَّ الَّذِي يُنْسَبُ لِلَّهِ مِنْ هَذَا الِاخْتِصَاصِ لَا يُمَاثِلُهُ فِيهِ شَيْءٌ وَتَأْوِيلُ ذَلِكَ مَعْرِفَةُ مَلَائِكَتِهِ وَصِفَاتِهِمْ وَأَقْدَارِهِمْ وَكَيْفَ يُدَبِّرُ بِهِمْ أَمْرَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إلَّا هُوَ} فَهَذَا التَّأْوِيلُ لِهَذَا الْمُتَشَابِهِ لَا يَعْلَمُهُ إلَّا هُوَ وَإِنْ عَلِمْنَا تَفْسِيرَهُ وَمَعْنَاهُ؛ لَكِنْ لَمْ نَعْلَمْ تَأْوِيلَهُ الْوَاقِعَ فِي الْخَارِجِ؛ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ} فَإِنَّهَا آيَةٌ مُحْكَمَةٌ لَيْسَ فِيهَا تَشَابُهٌ فَإِنَّ هَذَا الِاسْمَ مُخْتَصٌّ بِاَللَّهِ لَيْسَ مِثْلَ (إنَّا و (نَحْنُ الَّتِي تُقَالُ لِمَنْ لَهُ شُرَكَاءُ وَلِمَنْ لَهُ أَعْوَانٌ يَحْتَاجُ إلَيْهِمْ وَاَللَّهُ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ هَذَا وَهَذَا. كَمَا قَالَ: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ} وَقَالَ: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} فَالْمَعْنَى الَّذِي يُرَادُ بِهِ هَذَا فِي حَقِّ الْمَخْلُوقِينَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَظِيرُهُ ثَابِتًا لِلَّهِ؛ فَلِهَذَا صَارَ مُتَشَابِهًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute