وَأَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ وَقُرْآنٌ وَمُعْجِزٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْمَعَانِي مَعَ أَنَّ مَعْنَاهُ قَدْ نُسِخَ. وَمَنْ جَعَلَ الْمُتَشَابِهَ كُلَّ مَا لَا يُعْمَلُ بِهِ مِنْ الْمَنْسُوخِ وَالْأَقْسَامِ وَالْأَمْثَالِ فَلِأَنَّ ذَلِكَ مُتَشَابِهٌ وَلَمْ يُؤْمَرْ النَّاسُ بِتَفْصِيلِهِ بَلْ يَكْفِيهِمْ الْإِيمَانُ الْمُجْمَلُ بِهِ بِخِلَافِ الْمَعْمُولِ بِهِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْعِلْمِ الْمُفَصَّلِ. وَهَذَا بَيَانٌ لِمَا يَلْزَمُ كُلَّ الْأُمَّةِ فَإِنَّهُمْ يَلْزَمُهُمْ مَعْرِفَةُ مَا يُعْمَلُ بِهِ تَفْصِيلًا لِيَعْمَلُوا بِهِ. وَمَا أَخْبَرُوا بِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِمْ مَعْرِفَتُهُ؛ بَلْ عَلَيْهِمْ الْإِيمَانُ بِهِ وَإِنْ كَانَ الْعِلْمُ بِهِ حَسَنًا أَوْ فَرْضًا عَلَى الْكِفَايَةِ فَلَيْسَ فَرْضًا عَلَى الْأَعْيَانِ؛ بِخِلَافِ مَا يُعْمَلُ بِهِ. فَفَرْضٌ عَلَى كُلِّ إنْسَانٍ مَعْرِفَةُ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْعَمَلِ مُفَصَّلًا وَلَيْسَ عَلَيْهِ مَعْرِفَةُ الْعِلْمِيَّاتِ مُفَصَّلًا. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ: الْمُحْكَمُ مَا فِيهِ مِنْ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَمَا سِوَى ذَلِكَ مُتَشَابِهٌ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا. فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَكُونُ الْمُتَشَابِهُ هُوَ الْمَذْكُورَ فِي قَوْلِهِ: {كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ} . وَالْحَلَالُ مُخَالِفٌ لِلْحَرَامِ وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مُجَاهِدٍ: إنَّ الْعُلَمَاءَ يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ؛ لَكِنَّ تَفْسِيرَ الْمُتَشَابِهِ بِهَذَا مَعَ أَنَّ كُلَّ الْقُرْآنِ مُتَشَابِهٌ وَهُنَا خَصَّ الْبَعْضَ بِهِ فَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى ضَعْفِ هَذَا الْقَوْلِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ} لَوْ أُرِيدَ بِالْمُتَشَابِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute