للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الَّذِي لَا يُمْكِنُ أَحَدًا مَعْرِفَةُ مَعْنَاهُ وَهَذَا دَلِيلٌ مُسْتَقِلٌّ فِي الْمَسْأَلَةِ. وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ: {لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ} {أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا} ذَمٌّ لَهُمْ عَلَى عَدَمِ الْإِحَاطَةِ مَعَ التَّكْذِيبِ وَلَوْ كَانَ النَّاسُ كُلُّهُمْ مُشْتَرِكِينَ فِي عَدَمِ الْإِحَاطَةِ بِعِلْمِ الْمُتَشَابِهِ لَمْ يَكُنْ فِي ذَمِّهِمْ بِهَذَا الْوَصْفِ فَائِدَةٌ وَلَكَانَ الذَّمُّ عَلَى مُجَرَّدِ التَّكْذِيبِ فَإِنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُقَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِمَا لَمْ تُحِيطُوا بِهِ عِلْمًا وَلَا يُحِيطُ بِهِ عِلْمًا إلَّا اللَّهُ؟ وَمَنْ كَذَّبَ بِمَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ كَانَ أَقْرَبَ إلَى الْعُذْرِ مِنْ أَنْ يُكَذِّبَ بِمَا يَعْلَمُهُ النَّاسُ فَلَوْ لَمْ يُحِطْ بِهَا عِلْمًا الرَّاسِخُونَ كَانَ تَرْكُ هَذَا الْوَصْفِ أَقْوَى فِي ذَمِّهِمْ مِنْ ذِكْرِهِ. وَيَتَبَيَّنُ هَذَا بِوَجْهٍ آخَرَ هُوَ دَلِيلٌ فِي الْمَسْأَلَةِ: وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ ذَمَّ الزَّائِغِينَ بِالْجَهْلِ وَسُوءِ الْقَصْدِ فَإِنَّهُمْ يَقْصِدُونَ الْمُتَشَابِهَ يَبْتَغُونَ تَأْوِيلَهُ وَلَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلَّا الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ وَلَيْسُوا مِنْهُمْ وَهُمْ يَقْصِدُونَ الْفِتْنَةَ لَا يَقْصِدُونَ الْعِلْمَ وَالْحَقَّ وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} فَإِنَّ الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ (لَأَسْمَعَهُمْ فَهْمُ الْقُرْآنِ) . يَقُولُ لَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ حُسْنَ قَصْدٍ وَقَبُولًا لِلْحَقِّ لَأَفْهَمَهُمْ الْقُرْآنَ لَكِنْ لَوْ أَفْهَمَهُمْ لَتَوَلَّوْا عَنْ الْإِيمَانِ وَقَبُولِ الْحَقِّ لِسُوءِ قَصْدِهِمْ فَهُمْ جَاهِلُونَ ظَالِمُونَ كَذَلِكَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ هُمْ