للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَعْنَاهُ إلَّا اللَّهُ ثُمَّ يَتَنَاقَضُونَ فِي ذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ. أَحَدُهَا: أَنَّهُمْ يَقُولُونَ النُّصُوصُ تَجْرِي عَلَى ظَوَاهِرِهَا وَلَا يَزِيدُونَ عَلَى الْمَعْنَى الظَّاهِرِ مِنْهَا وَلِهَذَا يُبْطِلُونَ كُلَّ تَأْوِيلٍ يُخَالِفُ الظَّاهِرَ وَيُقِرُّونَ الْمَعْنَى الظَّاهِرَ وَيَقُولُونَ مَعَ هَذَا إنَّ لَهُ تَأْوِيلًا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ وَالتَّأْوِيلُ عِنْدَهُمْ مَا يُنَاقِضُ الظَّاهِرَ فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ تَأْوِيلٌ يُخَالِفُ الظَّاهِرَ وَقَدْ قَرَّرَ مَعْنَاهُ الظَّاهِرَ وَهَذَا مِمَّا أَنْكَرَهُ عَلَيْهِمْ مُنَاظِرُوهُمْ حَتَّى أَنْكَرَ ذَلِكَ ابْنُ عَقِيلٍ عَلَى شَيْخِهِ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى. وَمِنْهَا أَنَّا وَجْدُنَا هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ لَا يُحْتَجُّ عَلَيْهِمْ بِنَصٍّ يُخَالِفُ قَوْلَهُمْ لَا فِي مَسْأَلَةٍ أَصْلِيَّةٍ وَلَا فَرْعِيَّةٍ إلَّا تَأَوَّلُوا ذَلِكَ النَّصَّ بِتَأْوِيلَاتٍ مُتَكَلَّفَةٍ مُسْتَخْرَجَةٍ مِنْ جِنْسِ تَحْرِيفِ الْكَلِمِ عَنْ مَوَاضِعِهِ مِنْ جِنْسِ تَأْوِيلَاتِ الْجَهْمِيَّة وَالْقَدَرِيَّةِ لِلنُّصُوصِ الَّتِي تُخَالِفُهُمْ فَأَيْنَ هَذَا مِنْ قَوْلِهِمْ: لَا يَعْلَمُ مَعَانِيَ النُّصُوصِ الْمُتَشَابِهَةِ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى وَاعْتُبِرَ هَذَا بِمَا تَجِدُهُ فِي كُتُبِهِمْ مِنْ مُنَاظَرَتِهِمْ لِلْمُعْتَزِلَةِ فِي مَسَائِلِ الصِّفَاتِ وَالْقُرْآنِ وَالْقَدَرِ إذَا احْتَجَّتْ الْمُعْتَزِلَةُ عَلَى قَوْلِهِمْ بِالْآيَاتِ الَّتِي تُنَاقِضُ قَوْلَ هَؤُلَاءِ مِثْلُ أَنْ يَحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إلَّا لِيَعْبُدُونِ} {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} {إنَّمَا أَمْرُهُ إذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ} وَنَحْوَ ذَلِكَ كَيْفَ تَجِدُهُمْ يَتَأَوَّلُونَ هَذِهِ النُّصُوصَ بِتَأْوِيلَاتٍ غَالِبُهَا فَاسِدٌ