للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُرَادُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ عِنْدَهُمْ غَيْرَ ذَلِكَ كَالتَّأْوِيلَاتِ الَّتِي يَذْكُرُونَهَا فِي نُصُوصِ الْكِتَابِ كَمَا يَذْكُرُونَهُ فِي قَوْلِهِ: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} وَيَنْزِلُ رَبُّنَا و {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} و {إنَّمَا أَمْرُهُ إذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} وَأَمْثَالِ ذَلِكَ مِنْ النُّصُوصِ فَإِنَّ غَايَةَ مَا عِنْدَهُمْ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ كَذَا وَيَجُوزُ كَذَا وَنَحْوَ ذَلِكَ وَلَيْسَ هَذَا عِلْمًا بِالتَّأْوِيلِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ ذَكَرَ فِي نَصٍّ أَقْوَالًا وَاحْتِمَالَاتٍ وَلَمْ يَعْرِفْ الْمُرَادَ فَإِنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ تَفْسِيرَ ذَلِكَ وَتَأْوِيلَهُ وَإِنَّمَا يَعْرِفُ ذَلِكَ مَنْ عَرَفَ الْمُرَادَ.

وَمَنْ زَعَمَ مِنْ الْمَلَاحِدَةِ أَنَّ الْأَدِلَّةَ السَّمْعِيَّةَ لَا تُفِيدُ الْعِلْمَ فَمَضْمُونُ مَدْلُولَاتِهِ لَا يَعْلَمُ أَحَدٌ تَفْسِيرَ الْمُحْكَمِ وَلَا تَفْسِيرَ الْمُتَشَابِهِ وَلَا تَأْوِيلَ ذَلِكَ. وَهَذَا إقْرَارٌ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَ الْمُتَشَابِهِ فَضْلًا عَنْ تَأْوِيلِ الْمُحْكَمِ فَإِذَا انْضَمَّ إلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُمْ فِي الْعَقْلِيَّاتِ فِيهِ مِنْ السَّفْسَطَةِ وَالتَّلْبِيسِ مَا لَا يَكُونُ مَعَهُ دَلِيلٌ عَلَى الْحَقِّ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ هَؤُلَاءِ لَا مَعْرِفَةٌ بِالسَّمْعِيَّاتِ وَلَا بِالْعَقْلِيَّاتِ وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْ أَهْلِ النَّارِ أَنَّهُمْ قَالُوا: {لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} وَمَدَحَ الَّذِينَ إذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِهِ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا وَاَلَّذِينَ يَفْقَهُونَ وَيَعْقِلُونَ وَذَمَّ الَّذِينَ