للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَا يُمَاثِلُهَا شَيْءٌ فَسَمْعُهُ وَبَصَرُهُ وَكَلَامُهُ وَنُزُولُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ ثَابِتٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَهُوَ مُتَّصِفٌ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ الَّتِي لَا يُشَابِهُهُ فِيهَا سَمْعُ الْمَخْلُوقِينَ وَبَصَرُهُمْ وَكَلَامُهُمْ وَنُزُولُهُمْ وَاسْتِوَاؤُهُمْ وَهَذَا الْكَلَامُ لَازِمٌ لَهُمْ فِي الْعَقْلِيَّاتِ وَفِي تَأْوِيلِ السَّمْعِيَّاتِ: فَإِنَّ مَنْ أَثْبَتَ شَيْئًا وَنَفَى شَيْئًا بِالْعَقْلِ - إذَا - أُلْزِمَ فِيمَا نَفَاهُ مِنْ الصِّفَاتِ الَّتِي جَاءَ بِهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ نَظِيرَ مَا يَلْزَمُهُ فِيمَا أَثْبَتَهُ وَلَوْ طُولِبَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْمَحْذُورِ فِي هَذَا وَهَذَا: لَمْ يَجِدْ بَيْنَهُمَا فَرْقًا وَلِهَذَا لَا يُوجَدُ لنفاة بَعْضِ الصِّفَاتِ دُونَ بَعْضٍ - الَّذِينَ يُوجِبُونَ فِيمَا نَفَوْهُ: إمَّا التَّفْوِيضَ؛ وَإِمَّا التَّأْوِيلَ الْمُخَالِفَ لِمُقْتَضَى اللَّفْظِ - قَانُونٌ مُسْتَقِيمٌ. فَإِذَا قِيلَ لَهُمْ: لِمَ تَأَوَّلْتُمْ هَذَا وَأَقْرَرْتُمْ هَذَا وَالسُّؤَالُ فِيهِمَا وَاحِدٌ؟ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَوَابٌ صَحِيحٌ فَهَذَا تَنَاقُضُهُمْ فِي النَّفْيِ وَكَذَا تَنَاقُضُهُمْ فِي الْإِثْبَاتِ؛ فَإِنَّ مَنْ تَأَوَّلَ النُّصُوصَ عَلَى مَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي الَّتِي يُثْبِتُهَا فَإِنَّهُمْ إذَا صَرَفُوا النَّصَّ عَنْ الْمَعْنَى الَّذِي هُوَ مُقْتَضَاهُ إلَى مَعْنًى آخَرَ: لَزِمَهُمْ فِي الْمَعْنَى الْمَصْرُوفِ إلَيْهِ مَا كَانَ يَلْزَمُهُمْ فِي الْمَعْنَى الْمَصْرُوفِ عَنْهُ فَإِذَا قَالَ قَائِلٌ: تَأْوِيلُ مَحَبَّتِهِ وَرِضَاهُ وَغَضَبِهِ وَسَخَطِهِ: هُوَ إرَادَتُهُ لِلثَّوَابِ وَالْعِقَابِ؛ كَانَ مَا يَلْزَمُهُ فِي الْإِرَادَةِ نَظِيرَ مَا يَلْزَمُهُ فِي الْحُبِّ وَالْمَقْتِ وَالرِّضَا وَالسَّخَطِ