فَنَحْنُ نَعْلَمُ مُسْتَقَرَّ نَبَإِ اللَّهِ وَهُوَ الْحَقِيقَةُ الَّتِي أَخْبَرَ اللَّهُ بِهَا. وَلَا نَعْلَمُ مَتَى يَكُونُ وَقَدْ لَا نَعْلَمُ كَيْفِيَّتَهَا وَقَدْرَهَا وَسَوَاءٌ فِي هَذَا تَأْوِيلِ الْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابِهِ. كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّهَا كَائِنَةٌ وَلَمْ يَأْتِ تَأْوِيلُهَا بَعْدُ فَقَدْ عُرِفَ تَأْوِيلُهَا وَهُوَ وُقُوعُ الِاخْتِلَافِ وَالْفِتَنِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ مَتَى يَقَعُ وَقَدْ لَا يَعْرِفُ صِفَتَهُ وَلَا حَقِيقَتَهُ فَإِذَا وَقَعَ عَرَفَ الْعَارِفُ أَنَّ هَذَا هُوَ التَّأْوِيلُ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ وَغَيْرُهُ قَدْ لَا يَعْرِفُ ذَلِكَ أَوْ يَنْسَاهُ بَعْدَ مَا كَانَ عَرَفَهُ فَلَا يَعْرِفُ أَنَّ هَذَا تَأْوِيلُ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} قَالَ الزُّبَيْرُ: لَقَدْ قَرَأْنَا هَذِهِ الْآيَةَ زَمَانًا وَمَا أَرَانَا مِنْ أَهْلِهَا وَإِذَا نَحْنُ الْمَعْنِيُّونَ بِهَا: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} . وَأَيْضًا فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ ذَمَّ فِي كِتَابِهِ مَنْ يَسْمَعُ الْقُرْآنَ وَلَا يَفْقَهُ مَعْنَاهُ وَذَمَّ مَنْ لَمْ يَتَدَبَّرْهُ وَمَدَحَ مَنْ يَسْمَعُهُ وَيَفْقَهُهُ فَقَالَ تَعَالَى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إلَيْكَ حَتَّى إذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ} الْآيَةُ فَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ لِأَهْلِ الْعِلْمِ: مَاذَا قَالَ الرَّسُولُ فِي هَذَا الْوَقْتِ الْمُتَقَدِّمِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ مِنْ الصَّحَابَةِ كَانُوا يَعْرِفُونَ مِنْ مَعَانِي كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَا يَعْرِفُهُ غَيْرُهُمْ وَهَؤُلَاءِ هُمْ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute