للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} {بَشِيرًا وَنَذِيرًا} إلَى قَوْلِهِ: {وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ} . فَإِذَا كَانَ كَثِيرٌ مِنْ الْقُرْآنُ أَوْ أَكْثَرُهُ مِمَّا لَا يَفْهَمُ أَحَدٌ مَعْنَاهُ لَمْ يَكُنْ الْمُتَدَبَّرُ الْمَعْقُولُ إلَّا بَعْضَهُ وَهَذَا خِلَافُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ لَا سِيَّمَا عَامَّةُ مَا كَانَ الْمُشْرِكُونَ يُنْكِرُونَهُ كَالْآيَاتِ الْخَبَرِيَّةِ وَالْإِخْبَارِ عَنْ الْيَوْمِ الْآخِرِ أَوْ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَعَنْ نَفْيِ الشُّرَكَاءِ وَالْأَوْلَادِ عَنْ اللَّهِ وَتَسْمِيَتِهِ بِالرَّحْمَنِ فَكَانَ عَامَّةُ إنْكَارِهِمْ لِمَا يُخْبِرُهُمْ بِهِ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا وَمَا يُخْبِرُهُمْ بِهِ عَنْ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ مَنْ لَا يَعْقِلُ ذَلِكَ وَلَا يَفْقَهُهُ وَلَا يَتَدَبَّرُهُ. فَعُلِمَ أَنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِعَقْلِ ذَلِكَ وَتَدَبُّرِهِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ} {وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ} وَقَالَ: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا} الْآيَةُ. وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا} {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا} الْآيَةُ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَنْفِ عَنْ غَيْرِهِ عِلْمَ شَيْءٍ