النَّاسِ وَمَا أَرَادُوهُ بِهَا فَعُرِضَتْ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. وَالْعَقْلُ الصَّرِيحُ دَائِمًا مُوَافِقٌ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُخَالِفُهُ قَطُّ فَإِنَّ الْمِيزَانَ مَعَ الْكِتَابِ وَاَللَّهُ أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانِ؛ لَكِنْ قَدْ تَقْصُرُ عُقُولُ النَّاسِ عَنْ مَعْرِفَةِ تَفْصِيلِ مَا جَاءَ بِهِ فَيَأْتِيهِمْ الرَّسُولُ بِمَا عَجَزُوا عَنْ مَعْرِفَتِهِ وَحَارُوا فِيهِ لَا بِمَا يَعْلَمُونَ بِعُقُولِهِمْ بُطْلَانَهُ فَالرُّسُلُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ تُخْبِرُ بِمَحَارَاتِ الْعُقُولِ لَا تُخْبِرُ بِمُحَالَاتِ الْعُقُولِ فَهَذَا سَبِيلُ الْهُدَى وَالسُّنَّةِ وَالْعِلْمِ وَأَمَّا سَبِيلُ الضَّلَالِ وَالْبِدْعَةِ وَالْجَهْلِ فَعَكْسُ ذَلِكَ: أَنْ يَبْتَدِعَ بِدْعَةٌ بِرَأْيِ رِجَالٍ وَتَأْوِيلَاتِهِمْ ثُمَّ يَجْعَلَ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ تَبَعًا لَهَا وَيُحَرَّفَ أَلْفَاظَهُ وَيَتَأَوَّلُ عَلَى وَفْقٍ مَا أَصَّلُوهُ. وَهَؤُلَاءِ تَجِدُهُمْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا يَعْتَمِدُونَ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ وَلَا يَتَلَقَّوْنَ الْهُدَى مِنْهُ وَلَكِنْ مَا وَافَقَهُمْ مِنْهُ قَبِلُوهُ وَجَعَلُوهُ حُجَّةً لَا عُمْدَةً وَمَا خَالَفَهُمْ تَأَوَّلُوهُ كَاَلَّذِينَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ أَوْ فَوَّضُوهُ كَاَلَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إلَّا أَمَانِيَّ وَهَؤُلَاءِ قَدْ لَا يَعْرِفُونَ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ: إمَّا عَجْزًا وَإِمَّا تَفْرِيطًا فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى مُقَدِّمَتَيْنِ: أَنَّ الرَّسُولَ قَالَ كَذَا وَأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ كَذَا أَمَّا الْأُولَى فَعَامَّتُهُمْ لَا يَرْتَابُونَ فِي أَنَّهُ جَاءَ بِالْقُرْآنِ وَإِنْ كَانَ مِنْ غُلَاةِ أَهْلِ الْبِدَعِ مَنْ يَرْتَابُ فِي بَعْضِهِ لَكِنَّ الْأَحَادِيثَ عَامَّةٌ أَهْلُ الْبِدَعِ جُهَّالٌ بِهَا وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّ هَذِهِ رَوَاهَا آحَادٌ يُجَوِّزُونَ عَلَيْهِمْ الْكَذِبَ وَالْخَطَأَ وَلَا يَعْرِفُونَ مِنْ كَثْرَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute