للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَلْ الَّذِي ابْتَدَأَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ اتِّبَاعَ الْأَنْبِيَاءِ بَلْ وَضَعَ ذَلِكَ كَمَا وُضِعَتْ عِبَادَةُ الْأَوْثَانِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَدْيَانِ الْكُفَّارِ مَعَ عِلْمِهِمْ بِأَنَّ ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِلرُّسُلِ كَمَا ذُكِرَ عَنْ مُبَدِّلَةِ الْيَهُودِ ثُمَّ فَشَا ذَلِكَ فِيمَنْ لَمْ يَعْرِفُوا أَصْلَ ذَلِكَ. وَهَذَا بِخِلَافِ بِدْعَةِ الْخَوَارِجِ؛ فَإِنَّ أَصْلَهَا مَا فَهِمُوهُ مِنْ الْقُرْآنِ فَغَلِطُوا فِي فَهْمِهِ وَمَقْصُودُهُمْ اتِّبَاعُ الْقُرْآنِ بَاطِنًا وَظَاهِرًا لَيْسُوا زَنَادِقَةً. وَكَذَلِكَ الْقَدَرِيَّةُ أَصْلُ مَقْصُودِهِمْ تَعْظِيمُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلَ وَيَتَّبِعُونَ مِنْ الْقُرْآنِ مَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ. فَعَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ وَأَمْثَالُهُ لَمْ يَكُنْ أَصْلُ مَقْصُودِهِمْ مُعَانَدَةُ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَاَلَّذِي ابْتَدَعَ الرَّفْضَ. وَكَذَلِكَ الْإِرْجَاءُ إنَّمَا أَحْدَثَهُ قَوْمٌ قَصْدُهُمْ جَعْلُ أَهْلِ الْقِبْلَةِ كُلِّهِمْ مُؤْمِنِينَ لَيْسُوا كُفَّارًا قَابَلُوا الْخَوَارِجَ وَالْمُعْتَزِلَةَ فَصَارُوا فِي طَرَفٍ آخَرَ. وَكَذَلِكَ التَّشَيُّع الْمُتَوَسِّطُ - الَّذِي مَضْمُونُهُ تَفْضِيلُ عَلِيٍّ وَتَقْدِيمُهُ عَلَى غَيْرِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ هَذَا مِنْ إحْدَاثِ الزَّنَادِقَةِ بِخِلَافِ دَعْوَى النَّصِّ فِيهِ وَالْعِصْمَةِ فَإِنَّ الَّذِي ابْتَدَعَ ذَلِكَ كَانَ مُنَافِقًا زِنْدِيقًا