فَلَهَا النِّصْفُ} وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} فَإِنَّ الْمَعْنَى لَمْ يَكُنْ لَهُ أَحَدٌ مِنْ الْآحَادِ كُفُوًا لَهُ فَإِنْ كَانَ الْأَحَدُ عِبَارَةً عَمَّا لَا يَتَمَيَّزُ مِنْهُ شَيْءٌ عَنْ شَيْءٍ وَلَا يُشَارُ إلَى شَيْءٍ مِنْهُ دُونَ شَيْءٍ فَلَيْسَ فِي الْمَوْجُودَاتِ مَا هُوَ أَحَدٌ إلَّا مَا يَدَّعُونَهُ مِنْ الْجَوْهَرِ الْفَرْدِ وَمِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ قَدْ نَفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْ الْمَوْجُودَاتِ أَنْ يَكُونَ كُفُوًا لِلرَّبِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي مُسَمَّى أَحَدٍ. وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَذَا بَسْطًا كَثِيرًا فِي الْمَبَاحِثِ الْعَقْلِيَّةِ وَالسَّمْعِيَّةِ الَّتِي يَذْكُرُهَا نفاة الصِّفَاتِ مِنْ الْجَهْمِيَّة وَأَتْبَاعِهِمْ فِي كِتَابِنَا الْمُسَمَّى (بَيَانُ تَلْبِيسِ الْجَهْمِيَّة فِي تَأْسِيسِ بِدَعِهِمْ الْكَلَامِيَّةِ) . وَلِهَذَا لَمَّا احْتَجَّتْ الْجَهْمِيَّة عَلَى السَّلَفِ - كَالْإِمَامِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ - عَلَى نَفْيِ الصِّفَاتِ بِاسْمِ الْوَاحِدِ قَالَ أَحْمَد: قَالُوا لَا تَكُونُونَ مُوَحِّدِينَ أَبَدًا حَتَّى تَقُولُوا قَدْ كَانَ اللَّهُ وَلَا شَيْءَ قُلْنَا نَحْنُ نَقُولُ كَانَ اللَّهُ وَلَا شَيْءَ وَلَكِنْ إذَا قُلْنَا إنَّ اللَّهَ لَمْ يَزَلْ بِصِفَاتِهِ كُلِّهَا أَلَيْسَ إنَّمَا نَصِفُ إلَهًا وَاحِدًا وَضَرَبْنَا لَهُمْ فِي ذَلِكَ مَثَلًا: فَقُلْنَا: أَخْبِرُونَا عَنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ أَلَيْسَ لَهَا جِذْعٌ وَكَرْبٌ وَلِيفٌ وَسَعَفٌ وَخُوصٌ وَجُمَّارٌ وَاسْمُهَا شَيْءٌ وَاحِدٌ وَسُمِّيَتْ نَخْلَةً بِجَمِيعِ صِفَاتِهَا؟ فَكَذَلِكَ اللَّهُ - وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى - بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ إلَه وَاحِدٌ لَا نَقُولُ: إنَّهُ قَدْ كَانَ فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ وَلَا قُدْرَةَ لَهُ حَتَّى خَلَقَ لِنَفْسِهِ قُدْرَةً وَلَا نَقُولُ قَدْ كَانَ فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ لَا يَعْلَمُ حَتَّى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute