للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِالْمَدِينَةِ فَإِنَّهُ مِنْ نَاحِيَةِ الْيَمَنِ وَالْمَدِينَةُ مِنْ نَاحِيَةِ الشَّامِ وَلَكِنْ اخْتَبَآ فِيهِ ثَلَاثًا لِيَنْقَطِعَ خَبَرُهُمَا عَنْ الْمُشْرِكِينَ فَلَا يُعْرَفُونَ أَيْنَ ذَهَبَا فَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا طَالِبِينَ لَهُمَا وَقَدْ بَذَلُوا فِي كُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دِيَتَهُ لِمَنْ يَأْتِي بِهِ وَكَانُوا يَقْصِدُونَ مَنْعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَصِلَ إلَى أَصْحَابِهِ بِالْمَدِينَةِ وَأَنْ لَا يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ بَلْ لَمَّا عَجَزُوا عَنْ قَتْلِهِ أَرَادُوا حَبْسَهُ بِمَكَّةَ فَلَوْ سَلَكَ الطَّرِيقَ ابْتِدَاءً لَأَدْرَكُوهُ فَأَقَامَ بِالْغَارِ ثَلَاثًا لِأَجْلِ ذَلِكَ فَلَوْ أَرَادَ الْمُسَافِرُ مِنْ مَكَّةَ إلَى الْمَدِينَةِ أَنْ يَذْهَبَ إلَى الْغَارِ ثُمَّ يَرْجِعُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُسْتَحَبًّا بَلْ مَكْرُوهًا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْهِجْرَةِ سَلَكَ طَرِيقَ السَّاحِلِ وَهِيَ طَوِيلَةٌ وَفِيهَا دَوْرَةٌ وَأَمَّا فِي عُمَرِهِ وَحَجَّتِهِ فَكَانَ يَسْلُكُ الْوَسَطَ وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى مَكَّةَ فَسَلَكَ فِي الْهِجْرَةِ طَرِيقَ السَّاحِلِ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ أَبْعَدَ عَنْ قَصْدِ الْمُشْرِكِينَ فَإِنَّ الطَّرِيقَ الْوُسْطَى كَانَتْ أَقْرَبَ إلَى الْمَدِينَةِ فَيَظُنُّونَ أَنَّهُ سَلَكَهَا كَمَا كَانَ إذَا أَرَادَ غَزْوَةَ وَرَّى بِغَيْرِهَا. وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَسَّمَ غَنَائِمَ حنين بِالْجِعْرَانَةِ اعْتَمَرَ مِنْهَا وَلَمَّا صَدَّهُ الْمُشْرِكُونَ عَنْ مَكَّةَ حَلَّ بالحديبية وَكَانَ قَدْ أَنْشَأَ الْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ مِيقَاتِ الْمَدِينَةِ ذِي الحليفة وَلَمَّا اعْتَمَرَ مِنْ الْعَامِ الْقَابِلِ عُمْرَةَ الْقَضِيَّةِ اعْتَمَرَ مِنْ ذِي الحليفة وَلَمْ يَدْخُلْ الْكَعْبَةَ فِي عُمَرِهِ وَلَا حَجَّتِهِ وَإِنَّمَا دَخَلَهَا عَامَ الْفَتْحِ وَكَانَ بِهَا صُوَرٌ مُصَوَّرَةٌ فَلَمْ يَدْخُلْهَا حَتَّى