وَأَيْضًا فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِّ بِمَسْجِدِ بِمَكَّةَ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَلَمْ يَأْتِ لِلْعِبَادَاتِ إلَّا الْمَشَاعِرَ: مِنًى وَمُزْدَلِفَةَ وَعَرَفَةَ فَلِهَذَا كَانَ أَئِمَّةُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْصِدَ مَسْجِدًا بِمَكَّةَ لِلصَّلَاةِ غَيْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَلَا تُقْصَدُ بُقْعَةٌ لِلزِّيَارَةِ غَيْرَ الْمَشَاعِرِ الَّتِي قَصَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا كَانَ هَذَا فِي آثَارِهِمْ فَكَيْفَ بِالْمَقَابِرِ الَّتِي لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ اتَّخَذَهَا مَسَاجِدَ وَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَدِينُ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ لَا تُقْصَدُ بُقْعَةٌ لِلصَّلَاةِ إلَّا أَنْ تَكُونَ مَسْجِدًا فَقَطْ وَلِهَذَا مَشَاعِرُ الْحَجِّ غَيْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ تُقْصَدُ لِلنُّسُكِ لَا لِلصَّلَاةِ فَلَا صَلَاةَ بِعَرَفَةَ وَإِنَّمَا صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ يَوْمَ عَرَفَةَ بعرنة خَطَبَ بِهَا ثُمَّ صَلَّى ثُمَّ بَعْدَ الصَّلَاةِ ذَهَبَ إلَى عَرَفَاتٍ فَوَقَفَ بِهَا وَكَذَلِكَ يُذْكَرُ اللَّهُ وَيُدْعَى بِعَرَفَاتِ وبمزدلفة عَلَى قُزَحَ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَبَيْنَ الْجَمَرَاتِ وَعِنْدَ الرَّمْيِ وَلَا تُقْصَدُ هَذِهِ الْبِقَاعُ لِلصَّلَاةِ. وَأَمَّا غَيْرُ الْمَسَاجِدِ وَمَشَاعِرِ الْحَجِّ فَلَا تُقْصَدُ بُقْعَةٌ لَا لِلصَّلَاةِ وَلَا لِلذِّكْرِ وَلَا لِلدُّعَاءِ بَلْ يُصَلِّي الْمُسْلِمُ حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ إلَّا حَيْثُ نُهِيَ وَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَدْعُوهُ حَيْثُ تَيَسَّرَ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ تَخْصِيصِ بُقْعَةٍ بِذَلِكَ وَإِذَا اتَّخَذَ بُقْعَةً لِذَلِكَ كَالْمَشَاهِدِ نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ كَمَا نُهِيَ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْمَقْبَرَةِ إلَّا مَا يَفْعَلُهُ الرَّجُلُ عِنْدَ السَّلَامِ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute