للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَوْ فَتَحَ الْإِمَامُ بَلَدًا وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ أَهْلَهُ يُسْلِمُونَ وَيُجَاهِدُونَ جَازَ أَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِمْ بِأَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَهْلِ مَكَّةَ فَإِنَّهُمْ أَسْلَمُوا كُلُّهُمْ بِلَا خِلَافٍ بِخِلَافِ أَهْلِ خَيْبَرَ فَإِنَّهُ لَمْ يُسْلِمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ فَأُولَئِكَ قَسَمَ أَرْضَهُمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا كُفَّارًا مُصِرِّينَ عَلَى الْكُفْرِ وَهَؤُلَاءِ تَرَكَهَا لَهُمْ لِأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ صَارُوا مُسْلِمِينَ وَالْمَقْصُودُ بِالْجِهَادِ أَنْ تَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَأَنْ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِي الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ لِيَتَأَلَّفَهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ فَكَيْفَ لَا يَتَأَلَّفُهُمْ بِإِبْقَاءِ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ. وَهُمْ لَمَّا حَضَرُوا مَعَهُ حنينا أَعْطَاهُمْ مِنْ غَنَائِمِ حنين مَا تَأْلَفُهُمْ بِهِ حَتَّى عَتَبَ بَعْضُ الْأَنْصَارِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: {أَنَّ نَاسًا مِنْ الْأَنْصَارِ قَالُوا يَوْمَ حنين حِينَ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَمْوَالِ هَوَازِنَ مَا أَفَاءَ فَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِي رِجَالًا مِنْ قُرَيْشٍ الْمِائَةَ مِنْ الْإِبِلِ. فَقَالُوا: يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ يُعْطِي قُرَيْشًا وَيَتْرُكُنَا وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ - قَالَ أَنَسٌ: فَحُدِّثَ ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِمْ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْأَنْصَارِ فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ مِنْ أُدْمٍ فَلَمَّا اجْتَمَعُوا جَاءَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ؟ فَقَالَ لَهُ فُقَهَاءُ الْأَنْصَارِ: أَمَّا ذَوُو رَأْينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَمْ يَقُولُوا شَيْئًا وَأَمَّا أُنَاسٌ مِنَّا حَدِيثَةٌ