للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا {أَنَّ الْغَاسِقَ النَّجْمُ} وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ هُوَ الثُّرَيَّا وَكَانَتْ الْأَسْقَامُ وَالطَّوَاعِينُ تَكْثُرُ عِنْدَ وُقُوعِهَا وَتَرْتَفِعُ عِنْدَ طُلُوعِهَا وَهَذَا الْمَرْفُوعُ قَدْ ظَنَّ بَعْضُ النَّاسِ مُنَافَاتَهُ لِمَنْ فَسَّرَهُ بِاللَّيْلِ فَجَعَلُوهُ قَوْلًا آخَرَ ثُمَّ فَسَّرُوا وُقُوبَهُ بِسُكُونِهِ. قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: وَيُقَالُ الْغَاسِقُ الْقَمَرُ إذَا كَسَفَ وَاسْوَدَّ. وَمَعْنَى وَقَبَ دَخَلَ فِي الْكُسُوفِ وَهَذَا ضَعِيفٌ فَإِنَّ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُعَارَضُ بِقَوْلِ غَيْرِهِ وَهُوَ لَا يَقُولُ إلَّا الْحَقَّ وَهُوَ لَمْ يَأْمُرْ عَائِشَةَ بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنْهُ عِنْدَ كُسُوفِهِ بَلْ مَعَ ظُهُورِهِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} فَالْقَمَرُ آيَةُ اللَّيْلِ. وَكَذَلِكَ النُّجُومُ إنَّمَا تَطْلُعُ فَتُرَى بِاللَّيْلِ فَأَمْرُهُ بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنْ ذَلِكَ أَمْرٌ بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنْ آيَةِ اللَّيْلِ وَدَلِيلُهُ وَعَلَامَتُهُ وَالدَّلِيلُ مُسْتَلْزِمٌ لِلْمَدْلُولِ فَإِذَا كَانَ شَرُّ الْقَمَرِ مَوْجُودًا فَشَرُّ اللَّيْلِ مَوْجُودٌ وَلِلْقَمَرِ مِنْ التَّأْثِيرِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِ فَتَكُونُ الِاسْتِعَاذَةُ مِنْ الشَّرِّ الْحَاصِلِ عَنْهُ أَقْوَى وَيَكُونُ هَذَا كَقَوْلِهِ عَنْ الْمَسْجِدِ الْمُؤَسَّسِ عَلَى التَّقْوَى: " هُوَ مَسْجِدِي هَذَا " مَعَ أَنَّ الْآيَةَ تَتَنَاوَلُ مَسْجِدَ قُبَاء قَطْعًا. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عَنْ أَهْلِ الْكِسَاءِ: " هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي " مَعَ أَنَّ الْقُرْآنَ يَتَنَاوَلُ نِسَاءَهُ فَالتَّخْصِيصُ لِكَوْنِ الْمَخْصُوصِ أَوْلَى بِالْوَصْفِ فَالْقَمَرُ أَحَقُّ مَا يَكُونُ بِاللَّيْلِ بِالِاسْتِعَاذَةِ وَاللَّيْلُ مُظْلِمٌ تَنْتَشِرُ فِيهِ شَيَاطِينُ