للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَذْمُومَةِ مِنْ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ فَفِيهَا الِاسْتِعَاذَةُ مِنْ شَرِّ مَا يَدْخُلُ الْإِنْسَانُ مِنْ الْأَفْعَالِ الَّتِي تَضُرُّهُ مِنْ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ وَقَدْ تَضَمَّنَ ذَلِكَ الِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ نَفْسِهِ. وَسُورَةُ الْفَلَقِ فِيهَا الِاسْتِعَاذَةُ مِنْ شَرِّ الْمَخْلُوقَاتِ عُمُومًا وَخُصُوصًا وَلِهَذَا قِيلَ فِيهَا بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقِيلَ فِي هَذِهِ بِرَبِّ النَّاسِ فَإِنَّ فَالِقَ الْإِصْبَاحِ بِالنُّورِ يُزِيلُ بِمَا فِي نُورِهِ مِنْ الْخَيْرِ مَا فِي الظُّلْمَةِ مِنْ الشَّرِّ وَفَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى بَعْدَ انْعِقَادِهِمَا يُزِيلُ مَا فِي عُقَدِ النَّفَّاثَاتِ فَإِنَّ فَلْقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى أَعْظَمُ مِنْ حَلَّ عُقَدِ النَّفَّاثَاتِ وَكَذَلِكَ الْحَسَدُ هُوَ مِنْ ضِيقِ الْإِنْسَانِ وَشُحِّهِ لَا يَنْشَرِحُ صَدْرُهُ لِإِنْعَامِ اللَّهِ عَلَيْهِ فَرَبُّ الْفَلَقِ يُزِيلُ مَا يَحْصُلُ بِضِيقِ الْحَاسِدِ وَشُحِّهِ وَهُوَ سُبْحَانَهُ لَا يَفْلِقُ شَيْئًا إلَّا بِخَيْرِ فَهُوَ فَالِقُ الْإِصْبَاحِ بِالنُّورِ الْهَادِي وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ الَّذِي بِهِ صَلَاحُ الْعِبَادِ وَفَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى بِأَنْوَاعِ الْفَوَاكِهِ وَالْأَقْوَاتِ الَّتِي هِيَ رِزْقُ النَّاسِ وَدَوَابِّهِمْ وَالْإِنْسَانُ مُحْتَاجٌ إلَى جَلْبِ الْمَنْفَعَةِ مِنْ الْهُدَى وَالرِّزْقِ وَهَذَا حَاصِلٌ بِالْفَلْقِ وَالرَّبُّ الَّذِي فَلَقَ لِلنَّاسِ مَا تَحْصُلُ بِهِ مَنَافِعُهُمْ يُسْتَعَاذُ بِهِ مِمَّا يَضُرُّ النَّاسَ فَيُطْلَبُ مِنْهُ تَمَامُ نِعْمَتِهِ بِصَرْفِ الْمُؤْذِيَاتِ عَنْ عَبْدِهِ الَّذِي ابْتَدَأَ بِإِنْعَامِهِ عَلَيْهِ وَفَلْقُ الشَّيْءِ عَنْ الشَّيْءِ هُوَ دَلِيلٌ عَلَى تَمَامِ الْقُدْرَةِ وَإِخْرَاجِ الشَّيْءِ مِنْ ضِدِّهِ كَمَا يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَالْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَهَذَا مِنْ نَوْعِ الْفَلَقِ فَهُوَ سُبْحَانَهُ قَادِرٌ عَلَى دَفْعِ الضِّدِّ الْمُؤْذِي بِالضِّدِّ النَّافِعِ.