للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَيْضًا فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي الْآيَةِ {بِرَبِّ النَّاسِ} {مَلِكِ النَّاسِ} {إلَهِ النَّاسِ} فَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ أَنْ يَسْتَعِيذَ النَّاسُ بِرَبِّهِمْ وَمَلِكِهِمْ وَإِلَهِهِمْ مِنْ شَرِّ مَا يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِهِمْ فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي يُطْلَبُ مِنْهُ الْخَيْرُ الَّذِي يَنْفَعُهُمْ وَيُطْلَبُ مِنْهُ دَفْعُ الشَّرِّ الَّذِي يَضُرُّهُمْ وَالْوَسْوَاسُ أَصْلُ كُلِّ شَرٍّ يَضُرُّهُمْ؛ لِأَنَّهُ مَبْدَأٌ لِلْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ وَعُقُوبَاتُ الرَّبِّ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى ذُنُوبِهِمْ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمْ ذَنْبٌ فَكُلُّ مَا يُصِيبُهُ نِعْمَةٌ فِي حَقِّهِ وَإِذَا اُبْتُلِيَ بِمَا يُؤْلِمُهُ فَإِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ دَرَجَتَهُ وَيَأْجُرُهُ إذَا قُدِّرَ عَدَمُ الذُّنُوبِ مُطْلَقًا لَكِنَّ هَذَا لَيْسَ بِوَاقِعٍ مِنْهُمْ فَإِنَّ كُلَّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَاطِئِينَ التَّوَّابُونَ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} {لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} . فَغَايَةُ الْمُؤْمِنِينَ الْأَنْبِيَاءِ فَمِنْ دُونِهِمْ هِيَ التَّوْبَةُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} وَقَالَ: نُوحٌ {رَبِّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} وَقَالَ إبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} وَقَالَ مُوسَى: {أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ} وَدُعَاءُ نَبِيِّنَا بِمِثْلِ ذَلِكَ كَثِيرٌ مَعْرُوفٌ.