الران الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} } . لَكِنَّ طَيْفَ الشَّيْطَانِ غَيْرُ رَيْنِ الذُّنُوبِ هَذَا جَزَاءٌ عَلَى الذَّنَبِ وَالْغَيْنِ أَلْطَفُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {إنَّهُ ليغان عَلَى قَلْبِي وَإِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً} فَالشَّيْطَانُ يُلْقِي فِي النَّفْسِ الشَّرَّ وَالْمَلَكُ يُلْقِي الْخَيْرَ وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَقَرِينُهُ مِنْ الْجِنِّ. قَالُوا: وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: وَإِيَّايَ إلَّا أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ وَفِي رِوَايَةٍ فَلَا يَأْمُرُنِي إلَّا بِخَيْرِ} أَيْ اسْتَسْلَمَ وَانْقَادَ. وَكَانَ ابْنُ عُيَيْنَة يَرْوِيه فَأَسْلَمَ بِالضَّمِّ وَيَقُولُ: إنَّ الشَّيْطَانَ لَا يُسْلِمُ لَكِنَّ قَوْلَهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: فَلَا يَأْمُرُنِي إلَّا بِخَيْرِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ يَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَهَذَا إسْلَامُهُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كِنَايَةً عَنْ خُضُوعِهِ وَذِلَّتِهِ لَا عَنْ إيمَانِهِ بِاَللَّهِ كَمَا يَقْهَرُ الرَّجُلُ عَدُوَّهُ الظَّاهِرَ وَيَأْسِرُهُ وَقَدْ عَرَفَ الْعَدُوَّ الْمَقْهُورَ أَنَّ ذَلِكَ الْقَاهِرَ يَعْرِفُ مَا يُشِيرُ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ الشَّرِّ. فَلَا يَقْبَلُهُ بَلْ يُعَاقِبُهُ عَلَى ذَلِكَ فَيَحْتَاجُ لِانْقِهَارِهِ مَعَهُ إلَى أَنَّهُ لَا يُشِيرُ عَلَيْهِ إلَّا بِخَيْرٍ لِذِلَّتِهِ وَعَجْزِهِ لَا لِصَلَاحِهِ وَدِينِهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إلَّا أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَلَا يَأْمُرُنِي إلَّا بِخَيْرِ} وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إنَّ لِلْمَلَكِ لَمَّةً وَإِنَّ لِلشَّيْطَانِ لَمَّةً فَلَمَّةُ الْمَلَكِ إيعَادٌ بِالْخَيْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute