وَالْمَقْصُودُ هُنَا: التَّمْثِيلُ بِالْحَدِيثِ الَّذِي يُرْوَى فِي الصَّحِيحِ وَيُنَازِعُ فِيهِ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الرَّاجِحُ تَارَةً وَتَارَةً الْمَرْجُوحُ وَمِثْلُ هَذَا مِنْ مَوَارِدِ الِاجْتِهَادِ فِي تَصْحِيحِ الْحَدِيثِ كَمَوَارِدِ الِاجْتِهَادِ فِي فِي الْأَحْكَامِ وَأَمَّا مَا اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى صِحَّتِهِ فَهُوَ مِثْلُ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ فِي الْأَحْكَامِ وَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا صِدْقًا وَجُمْهُورُ مُتُونِ الصَّحِيحِ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ وَعَامَّةُ هَذِهِ الْمُتُونِ تَكُونُ مَرْوِيَّةً عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ عِدَّةِ وُجُوهٍ رَوَاهَا هَذَا الصَّاحِبُ وَهَذَا الصَّاحِبُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَوَاطَآ وَمِثْلُ هَذَا يُوجِبُ الْعِلْمَ الْقَطْعِيَّ؛ فَإِنَّ الْمُحَدِّثَ إذَا رَوَى حَدِيثًا طَوِيلًا سَمِعَهُ وَرَوَاهُ آخَرُ ذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَهُ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُمَا لَمْ يَتَوَاطَآ عَلَى وَضْعِهِ عُلِمَ أَنَّهُ صِدْقٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ صِدْقًا لَكَانَ كَذِبًا إمَّا عَمْدًا وَإِمَّا خَطَأً؛ فَإِنَّ الْمُحَدِّثَ إذَا حَدَّثَ بِخِلَافِ الصِّدْقِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ مُتَعَمِّدًا لِلْكَذِبِ؛ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُخْطِئًا غالطا. فَإِذَا قُدِّرَ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْ الْكَذِبَ وَلَمْ يَغْلَطْ لَمْ يَكُنْ حَدِيثُهُ إلَّا صِدْقًا وَالْقِصَّةُ الطَّوِيلَةُ يَمْتَنِعُ فِي الْعَادَةِ أَنْ يَتَّفِقَ الِاثْنَانِ عَلَى وَضْعِهَا مِنْ غَيْرِ مُوَاطَأَةِ مِنْهُمَا وَهَذَا يُوجَدُ كَثِيرًا فِي الْحَدِيثِ يَرْوِيه أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو سَعِيدٍ أَوْ أَبُو هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةُ أَوْ أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عُمَرَ أَوْ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ أَحَدَهُمَا لَمْ يَأْخُذْهُ مِنْ الْآخَرِ مِثْلَ حَدِيثِ التَّجَلِّي يَوْمَ الْقِيَامَةِ الطَّوِيلِ: حَدَّثَ بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو سَعِيدٍ سَاكِتٌ لَا يُنْكِرُ مِنْهُ حَرْفًا بَلْ وَافَقَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَيْهِ جَمِيعِهِ إلَّا عَلَى لَفْظٍ وَاحِدٍ فِي آخِرِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute