للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ أَبِي الْحَسَنِ الْآمِدِيَّ وَقَالَ: أَخْذُهَا مِنْهُ أَفْضَلُ مِنْ أَخْذِ عَكَّا. مَعَ أَنَّ الْآمِدِيَّ لَمْ يَكُنْ فِي وَقْتِهِ أَكْثَرَ تَبَحُّرًا فِي الْفُنُونِ الْكَلَامِيَّةِ وَالْفَلْسَفِيَّةِ مِنْهُ وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِهِمْ إسْلَامًا وَأَمْثَلِهِمْ اعْتِقَادًا وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْأُمُورَ الدَّقِيقَةَ - سَوَاءٌ كَانَتْ حَقًّا أَوْ بَاطِلًا؛ إيمَانًا أَوْ كُفْرًا - لَا تُدْرَكُ إلَّا بِذَكَاءِ وَفِطْنَةٍ؛ فَلِذَلِكَ يستجهلون مَنْ لَمْ يُشْرِكْهُمْ فِي عِلْمِهِمْ وَإِنْ كَانَ إيمَانُهُ أَحْسَنَ مِنْ إيمَانِهِمْ؛ إذَا كَانَ مِنْهُ قُصُورٌ فِي الذَّكَاءِ وَالْبَيَانِ وَهُمْ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ} {وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ} الْآيَاتِ. فَإِذَا تَقَلَّدُوا عَنْ طَوَاغِيتِهِمْ أَنَّ كُلَّ مَا لَمْ يَحْصُلْ بِهَذِهِ الطُّرُقِ الْقِيَاسِيَّةِ لَيْسَ بِعِلْمِ وَقَدْ لَا يَحْصُلُ لِكَثِيرِ مِنْهُمْ مِنْهَا مَا يَسْتَفِيدُ بِهِ الْإِيمَانَ الْوَاجِبَ فَيَكُونُ كَافِرًا زِنْدِيقًا؛ مُنَافِقًا جَاهِلًا؛ ضَالًّا مُضِلًّا ظَلُومًا كَفُورًا وَيَكُونُ مِنْ أَكَابِرِ أَعْدَاءِ الرُّسُلِ وَمُنَافِقِي الْمِلَّةِ مِنْ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ} وَقَدْ يَحْصُلُ لِبَعْضِهِمْ إيمَانٌ وَنِفَاقٌ وَيَكُونُ مُرْتَدًّا: إمَّا عَنْ أَصْلِ الدِّينِ أَوْ بَعْضِ شَرَائِعِهِ إمَّا رِدَّةَ نِفَاقٍ وَإِمَّا رِدَّةَ كُفْرٍ وَهَذَا كَثِيرٌ غَالِبٌ؛ لَا سِيَّمَا فِي الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ الَّتِي تَغْلِبُ فِيهَا الْجَاهِلِيَّةُ وَالْكُفْرُ وَالنِّفَاقُ فَهَؤُلَاءِ مِنْ عَجَائِبِ الْجَهْلِ وَالظُّلْمِ وَالْكَذِبِ وَالْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ وَالضَّلَالِ مَا لَا يَتَّسِعُ لِذِكْرِهِ الْمَقَالُ.