للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْإِدْرَاكَاتِ وَالْحَرَكَاتِ وَأَخْبَرَ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُغْنِ عَنْهُمْ شَيْئًا حَيْثُ جَحَدُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَالرِّسَالَةِ؛ وَلِهَذَا حَدَّثَنِي ابْنُ الشَّيْخِ الْفَقِيه الْخُضَرِيّ (*) عَنْ وَالِدِهِ شَيْخِ الْحَنَفِيَّةِ فِي زَمَنِهِ قَالَ: كَانَ فُقَهَاءُ بخارى يَقُولُونَ فِي ابْنِ سِينَا: {كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ} الْآيَةَ وَالْقُوَّةُ تَعُمُّ قُوَّةَ الْإِدْرَاكِ النَّظَرِيَّةِ وَقُوَّةَ الْحَرَكَةِ الْعَمَلِيَّةِ وَقَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً} فَأَخْبَرَ بِفَضْلِهِمْ فِي الْكُمِّ وَالْكَيْفِ وَأَنَّهُمْ أَشَدَّ فِي أَنْفُسِهِمْ وَفِي آثَارِهِمْ فِي الْأَرْضِ. وَقَدْ قَالَ - سُبْحَانَهُ - عَنْ أَتْبَاعِ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ الْمُلْكِ وَالْعِلْمِ الْمُخَالِفِينَ لِلرُّسُلِ: {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا} إلَى قَوْلِهِ: {وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا} وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ} وَمِثْلُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ يُذْكَرُ فِيهِ قَوْلُ أَعْدَاءِ الرُّسُلِ وَأَفْعَالُهُمْ وَمَا أُوتُوهُ مِنْ قُوَى الْإِدْرَاكَاتِ وَالْحَرَكَاتِ الَّتِي لَمْ تَنْفَعْهُمْ لَمَّا خَالَفُوا الرُّسُلَ. وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مَا فِي الْمُنْتَسِبِينَ إلَى أَتْبَاعِ الرُّسُلِ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالْعِبَادِ وَالْمُلُوكِ مِنْ النِّفَاقِ وَالضَّلَالِ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ} الْآيَةَ و (يَصُدُّونَ) يُسْتَعْمَلُ لَازِمًا؛ يُقَالُ: صَدَّ صُدُودًا


(*) قال الشيخ ناصر بن حمد الفهد (ص ٧٨):
وقد وقع في (١٨/ ٦٠): (الشيخ الخضيري)، ووقع في نسخة (نقض المنطق) المفردة ص ١٨١ كذلك، وعلقوا عليها هناك بأن الصواب (الحصيري) نسبة لمحلة ببخارى يعمل فيها الحصير، والابن اسمه أحمد بن محمود ت ٦٩٨، والله أعلم.